|
|
في إطار سعي المملكة العربية السعودية لتنويع مدخلات محفظة استثماراتها في قطاع السيارات الكهربائية، وجدنا أنه من الضروري أن نقدم تحليلا متعمقا عن تقييم مستوى أداء الشركات الرائدة في مجال تصنيع السيارات الكهربائية الرياضية. ![]()
فمن الممكن لشركة سير السعودية وشركة "لوسيد" الأمريكية المملوكة جزئيا لـ صندوق الاستثمارات العامة الاستفادة من الرؤى المعرفية المستمدة من تجارب شركات تصنيع السيارات الكهربائية الرياضية العالمية التي تعرضت لانتكاسات في المبيعات وتكبدت خسائر كبيرة مؤخرا، وذلك في حال رغبت الشركتان في تخصيص استثمارات كبيرة لتوسيع نطاق عمل خطوطها الإنتاجية. يعتمد مؤشر ثقة العميل في هذه الصناعة المتخصصة بشكل كبير على اتساق مستوى الأداء والأمان وديمومة العمل خاصةً عند احتدام المنافسة في مجال يتطلب ابتكار حلول تكنولوجية متطورة وبث شعور فريد بالموثوقية. في شهر أبريل أعلنت الشركة البريطانية الشهيرة المتخصصة في تصنيع سيارات السباقات لوتس عن إجراء إعادة هيكلة مالية تتضمن إلغاء عشرات الوظائف في بريطانيا وذلك بسبب تغير مطالب المستهلك المتعلقة بالسيارات الرياضية الكهربائية إلى جانب فرض الولايات المتحدة لتعاريف جمركية بنسبة 10% على واردات السيارات. ويجدر بالذكر أن سيارات تلك الشركة فازت بعدة بطولات في سباقات فورمولا وان. ففي الربع الأول من هذا العام، باعت الشركة 1282 سيارة كهربائية فقط لمختلف دول العالم، أي أقل من 42% من عدد السيارات التي باعتها في نفس الفترة من العام الماضي. ويشير هذا الرقم إلى حجم الانخفاض الملحوظ عن توقعاتها الواردة في العرض التقديمي للمستثمرين عام 2023 والتي تنبأت فيها ببيع 73,000 سيارة بحلول عام 2025. وفي العام الماضي، أعلنت الشركة عن تكبدها خسارة صافية بلغت 1.1 مليار دولار، على الرغم من تحقيقها لإيرادات بقيمة 924 مليون دولار. فعلى مدار الأعوام الثلاثة الماضية، بلغ إجمالي خسائر الشركة 2.6 مليار دولار. ![]() ⚔️ عندما تتغلب القيمة على الوجاهة يمثل ظهور شركات صينية منافسة أول الأسباب الرئيسية المؤثرة على تراجع مبيعات السيارات الرياضية الكهربائية الفاخرة والهجينة، حيث توفر تلك الشركات الصينية سيارات كهربائية عالية الجودة وبأسعار معقولة. تتمتع تلك العلامات التجارية الصينية بإمكانات تكنولوجية سريعة التطور تتيح لها تصنيع سيارات كهربائية رياضية هائلة الأداء وعصرية الإمكانات، وتطرحها بأسعار تنافسية غالبًا ما تقل كثيرًا عن أسعار العلامات التجارية الفاخرة التقليدية. ![]() يبلغ أدنى سعر لسيارات لوتس إلترا الكهربائية 107 ألف دولار تقريبا، في حين يبلغ نظيرها لسيارات Denza Z9 GT التابعة لشركة بي واي دي (BYD) الصينية 47,000 دولار تقريبًا ونحو 36,000 دولار فقط لسيارة Omoda E5 الصينية المعروفة باسم "سيارة لامبورغيني الصينية". ففارق السعر الكبير يعطي الأفضلية للسيارات الكهربائية الصينية ويجعلها بديلاً جذابًا لأعين المستهلكين الراغبين في اقتناء سيارة رياضية مبتكرة وصديقة للبيئة ولا يبالون بالقيمة الفارهة التي تحيط باقتناء سيارات كهربائية رياضية من علامات تجارية فاخرة. ![]() استطاعت العلامات التجارية الصينية توفير سيارات كهربائية رياضية بقيمة جيدة تعادل قيمة المال المدفوع، مما أسهم في تغيير مضمون تفضيلات المستهلكين لاسيما بين المشترين المُترفين. وعلى ما يبدو من الانخفاض الشديد في مبيعات سيارات رياضية كهربائية مثل لوتس إلترا وبورش تايكان جعل العديد من المستهلكين الآن يضع القيمة والطبيعة العملية على رأس الأولويات دون النظر إلى القدرة الشرائية، وخاصةً في ظل ارتفاع النفقات المرتبطة بالسيارات الفاخرة عالية الأداء. وجراء ذلك، أصبحوا أكثر قابلية على قبول مبدأ احتمالية التعرض لأعطال ميكانيكة صغيرة أو استخدام سيارات أقل نسبيًا في الأداء إذا صاحب ذلك توفيرًا كبيرًا في التكاليف الأولية لعملية الشراء. ![]() ومن هذا المنطلق، ومع دراسة جوانب الظهور السريع لشركات السيارات الكهربائية الصينية على الساحة وتوفيرها لسيارات كهربائية رياضية عالية الأداء بأسعار أقل كثيرًا، فقد تستلزم الحكمة أن تتوخي الشركات مثل "سير" و"لوسيد" الحذر قبل الانخراط في تنفيذ استثمارات كبيرة بقطاع السيارات الكهربائية الرياضية الفاخرة بالتحديد (من المقرر أن تطرح شركة سير أولى سياراتها الكهربائية في عام 2026).
⁉️ القلق حيال المسافة يأتي عنصر ديناميكيات تشغيل السيارات الكهربائية كسبب رئيسي تالي لانخفاض الطلب على السيارات الكهربائية الرياضية الفاخرة. فيمكن أن يؤثر هذا العنصر بشكل كبير على تفضيلات المشترين، خاصة عندما تحتدم المنافسة بين عنصري الموثوقية ومستوى الأداء المعتمد لسيارات الوقود العادية. فعلى الرغم من أن تصميم السيارات الكهربائية يجعلها تبدو وكأنها مخصصة لتجارب القيادة الديناميكية عالية السرعة، إلا أن مستوى تعقيد أنظمتها وارتفاع أداء مكوناتها يمكن أن يثير التساؤلات بشأن موثوقيتها وسبل صياناتها. يدخل عنصرا حالة البطارية ومدة عمرها ومن ثم المسافة التي تقطعها بشحنة كاملة واحدة ضمن المخاوف المتعلقة بالجانب التشغيلي. فقد يتردد المشتري في الشراء إذا نمى إلى علمه أن البطارية تقل كفاءتها بسرعة نتيجة للقيادة بسرعة عالية أو بسبب ارتفاع الأداء المتأصل في طبيعة السيارة، حيث ينطبق هذان الأمران تمامًا على السيارات الرياضية. فتمتاز السيارات الكهربائية على وجه التحديد بمستويات أدائها العالية، مما يضع حملاً أكبر على مكوناتها الرئيسية، مثل البطاريات ووحدات التحكم في المحرك وإلكترونيات القدرة التي تركز على استخدام الأجهزة الإلكترونية مثل أشباه الموصلات. فمثل تلك المشكلات المتعلقة بالموثوقية من شأنها تقليل ثقة العملاء بالشركة، والإضرار بسمعة العلامة التجارية، وتقليص الحصة السوقية.
🔍 دور القبول الاجتماعي في هذا الجزء من التحليل، سنتطرق للحديث عن أحد المصطلحات الرئيسية للاقتصاد الاجتماعي، ألا وهو القبول الاجتماعي للمنتج. من المهم الاسترشاد بهذا المفهوم قبل الانخراط في أي استثمار رئيسي في سوق السيارات الكهربائية الرياضية تحديدا لتقييم درجة النمو في السوق والمكانة التنافسية. ( في إصدار 1 نوفمبر، تناولنا الفرصة المتاحة لصناعة السيارات الكهربائية في المملكة والتي قد تجعل السيارات الكهربائية خيارًا أكثر جاذبية للمواطنين والمستهلكين المحليين، نظرًا لأن تعريفات الكهرباء منخفضة جدًا في السعودية مقارنةً بالعديد من الدول حول العالم. ولكن هل ستتغير عادات المستهلكين تجاه السيارات؟) ويعمل صانعو السياسات بجدٍ لبناء قبول اجتماعي بشكل مرحلي للسيارات الكهربائية بشكل عام. فهم يطرحون حملات توعوية لإثراء الوعي بالمنافع التكنولوجية والبيئية العائدة من استخدام السيارات الكهربائية ومن الاستثمار في البنية الأساسية لمحطات شحن السيارات الكهربائية.
وتستهدف المملكة وصول عدد السيارات الكهربائية في الرياض لنحو 30% من إجمالي السيارات في 2030. ![]()
📉 بطء النمو لا يعني انعدام النمو نختم هذا التحليل باستعراض وضع السيارات الكهربائية العالمي. في ضوء أحدث البيانات الصادرة الموثوقة، يبدو أن قطاع السيارات العالمي يعيد النظر في بعض استراتيجيات الاستثمار السابقة، والتي استهدفت التحول بشكل سريع نحو السيارات الكهربائية. تشير البيانات الواردة من شركة كوكس أوتوموتيف الأمريكية الأكبر عالميًا في توفير حلول تكنولوجيا وخدمات السيارات إلى انخفاض حجم نمو المبيعات من 33% في 2023 إلى 24% في 2024، بانخفاض قدره 9% في معدل النمو السنوي. ويرجع السبب الرئيسي لهذا الانخفاض إلى تحول منظور المشترين نحو نهج تدبير النفقات. فلا تزال تثبت التجارب أن تكاليف السيارات الكهربائية مرتفعة للغاية مقارنةً بالسيارات المناظرة التي تعمل بالوقود. كما تساور الشكوك أيضًا المشترين تجاه موثوقية السيارات الكهربائية، وخاصةً عند استخدامها في السفر لمسافات بعيدة. يوضح الرسم التالي نتائج دراسة استقصائية في أمريكا أجرتها شركة جالوب الاستشارية والتحليلية العالمية والمتخصصة في استطلاعات الرأي العامة، حيث يوضح الرسم أن 41% من المواطنين الأمريكيين ذوي الدخل السنوي المرتفع لن يشتروا السيارات الكهربائية وسيشتريها 14% فقط منهم، أما بالنسبة لذوي الدخل المتوسط فلن يشتريها 45% منهم بينما سيشتريها 5% فقط منهم. في حين أنه لن يشتري 62% من ذوي الدخل المنخفض تلك السيارات، وسيشتريها 2% فقط من تلك الشريحة. ![]() كما أن شركة تسلا المتخصصة في تصنيع السيارات الكهربائية توقفت عن التأكيد علنًا على استهدافها لبيع 20 مليون وحدة سنويًا بحلول عام 2030، ويجدر الإشارة إلى أن هذه الشركة لعبت دورًا بارزًا في الترويج للسيارات الكهربائية بين عامة المستهلكين. ولا تزال تسلا متصدرة لطليعة الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية عالميًا مع تفوقها بفارق طفيف عن شركة بي واي دي الصينية، ورُغم ذلك فقد شهدت تراجعًا في حجم مبيعاتها السنوية لأول مرة منذ عشر سنوات في عام 2024 وفي الربع الأول من هذا العام. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية من 2025، باعت الشركة 337,000 سيارة كهربائية، بانخفاض قدره 13% عن العام الماضي. ولولا الإسهامات الكبيرة التي حققتها السيارات الكهربائية والهجينة الصينية والمبيعات التي شهدتها الصين، لكانت مبيعات السيارات الكهربائية حول العالم ستنخفض بشكل أكثر حدة. فقد أسهمت الصين في التخفيف من حدة التراجع الكلي لمبيعات السيارات من خلال سيطرتها على السوق بحصة بلغت نحو ثلثي عدد السيارات الكهربائية المباعة العام الماضي والمقدرة بنحو 17.2 مليون سيارة، كما ساعدت على تعزيز قوة صمود الصناعة رغم مواجهتها لتحديات سوقية أكبر نطاقًا. |
|
|
|
|
|
|
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2025، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة |