|
|
لدى منتجعات منطقة البحر الأحمر في السعودية فرصة عظيمة وإمكانات هائلة لتعزيز النمو الاقتصادي من خلال الانتهاج الاستراتيجي لسياسات التسعير التنافسي واجتذاب الأسر السعودية. خلال مجريات هذا التحليل، سنبرهن على أن تنفيذ استراتيجيات تسعير ديناميكية متوائمة مع الأسواق الدولية من شأنه جذب قطاع كبير من السياح المحليين والدوليين مما يساعد على منافسة المنتجعات الساحرة المنافِسة في أوروبا والعالم أجمع، وذلك في ظل ما تشهده منطقة البحر الأحمر من صحوة متسارعة مكنتها من البزوغ كوجهة سياحية فاخرة تتميز بخصائصها الطبيعية الخلابة. وإذا تناولنا هذا الأمر من منظور مالي موضوعي، سيُثار تساؤل بالغ الأهمية: هل بإمكان منتجعات البحر الأحمر الفاخرة تلك جذب الأسر السعودية الثرية، مع الوضع في الاعتبار أن الوجهات السياحية العالمية المنافِسة توفر تجارب فاخرة مشابهة بأسعار أقل بكثير؟ يستند تحليلنا على إجازة عيد الأضحى، واخترنا يومي 6 و7 يونيو، وهذا هو أكبر عيد في العالم الإسلامي، ونستطيع من خلاله أن نتعرف على نمط الإنفاق عموما. لكن المقياس الحقيقي الذي يركز عليه تحليلنا هو هو النمط الإنفاقي لعائلة سعودية ثرية، فمن خلال التركيز على هذه الشريحة في المجتمع خلال هذا الموسم المهم، نحصل على فهم دقيق لكيفية تأثير الدخل المتاح للإنفاق لهذه العائلة على القطاع السياحي. ![]() من واقع تحليل البيانات الواردة من المنتجعات في منطقة البحر الأحمر بالسعودية وموقع بوكينج دوت كوم (Booking.com)، يتبين لنا من خلال المقارنة أنه يوجد تفاوت كبير في الأسعار يصب في مصلحة المنافسين العالميين. على سبيل المثال، يتراوح سعر الليلة الواحدة لأسرة من 5 أفراد في منتجع فاخر في المالديف ما بين 2,997 ريالاً (799 دولارًا) إلى 7,683 ريالاً (2,048 دولارًا)، في حين تتوفر عروض بأسعار أقل لتجارب فاخرة مشابهة في جزيرة مايوركا الأسبانية وجزيرة كريت اليونانية ومنطقة الريفيرا الفرنسية الشهيرة. تطرح الريفيرا ومايوركا مثلاً عروضًا لليلة الواحدة تبدأ من 1,935 ريالاً (560 دولارًا) و2,524 ريالاً (673 دولارًا) وتصل إلى 9,375 ريالاً (2,500 دولار) و5,049 ريالاً (1,346 دولارًا). وفي المقابل، يشهد نطاق أسعار منطقة البحر الأحمر في السعودية ارتفاعًا كبيرًا ملحوظًا، إذ تبدأ أسعار الليلة الواحدة من 8,600 ريال (2,292 دولارًا) للفيلا أحادية الغرفة في أحد المنتجعات الفاخرة وتصل إلى 16,100 ريال (4,264 دولارًا) للفيلا ثنائية الغرف.
🔍 انتهاج مسار يستهدف المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 10% يمكن لمنتجعات البحر الأحمر الاستحواذ على حصة أكبر من السوق المتشعبة للسياحة العالمية والمحلية في المملكة، وذلك من خلال طرح أسعار تنافسية وانتهاج سياسات معينة، وهذا ما سنقترحه لاحقًا في الجزء الأخير من التحليل. تتبع المملكة السعودية خطة استراتيجية لتطوير البنية التحتية، تتضمن تلك الخطة استثمار أكثر من 500 مليار ريال (133.3 مليار دولار) حتى عام 2030 وتوجيهها نحو إنشاء ميناء ومطار وخطوط سكك حديدية وغيرها من مرافق البنية التحتية بهدف جذب المزيد من السياح المحليين والدوليين. تهدف الاستراتيجية الوطنية للسياحة إلى الارتقاء بإسهامات القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من 3.8% إلى 10% بحلول عام 2030. ● ارتفع حجم إنفاق السائحين الأجانب إلى 141.2 مليار ريال في 2023 بعدما كان 98.3 مليار ريال، أي بزيادة قدرها 43.6% على أساس سنوي. لتسجل بذلك السياحة الوافدة أقصى إنفاق لها على مدار 5 سنوات (من 2019 حتى 2023). 🇸🇦 توفير نُظم تأشيرات مُيسرة للسعوديين من المقرر أن يساعد تطبيق نظام سفر السعوديين بدون تأشيرة إلى دول منطقة شنغن قريبا على تيسير السفر بشكل كبير إلى البلدان الأوروبية، مما يضع السعودية على مسار باقي الدول التي تتمتع بإجراءات دخول ميسرة. إذا تناولنا هذا المحور من منظور التنافسية، سيبدو أن خطوة تسهيل السفر تلك من المحتمل أن تجعل الوجهات الأوروبية بدائل أكثر جاذبية من المنتجعات الإقليمية الفاخرة، مثل تلك الموجودة في منطقة البحر الأحمر. فتوفر البلدان الأوروبية أسعارا أرخص وتجربة جذابة متناسجة المعالم الثقافية والتاريخية والتجريبية ومعززة بخطوات استخراج تأشيرة مُيسرة، وبذلك فإنها قد تستهوي المسافرين السعوديين الراغبين في معايشة تجارب ترفيهية متنوعة وقضاء فترات طويلة أو القيام برحلات متعددة داخل أوروبا بتأشيرة واحدة. وجهات سياحية شهيرة في البحر المتوسط![]() ![]() ![]() ![]() يوضح الرسم البياني المعروض في بداية هذا التحليل أن سعر الليلة الواحدة في منتجع بورتونوفي ذي الفخامة الفائقة في جمهورية الجبل الأسود (مونتينيغرو) يبدأ من 5,382 ريالا سعوديا (1,435 دولارا) و 2,025 ريالا (540 دولارا). تتدعم هذه القدرة التنافسية للوجهات الأوروبية أيضًا بعنصر أسعار تذاكر الذهاب والعودة والتي تبلغ تقريبًا 7,332 ريالاً سعوديا (1954 دولارًا) درجة رجال الأعمال للفرد الواحد وذلك من ضوء تحليل البيانات الحديثة بتاريخ هذا التحليل في 3 يونيه 2025 و الواردة من موقع Skyscanner.com.
⚖️
الموازنة بين ميزة التفرد وتنمية الإيرادات بخلاف المنافسة الشرسة مع سائر الوجهات العالمية، فإننا نفترض في الجزء الأخير من هذا التحليل بأن التحدي الحقيقي الذي يواجه منتجعات البحر الأحمر يتمثل في إمكانية الموازنة بين ميزة التفرد في المنطقة وتحقيق الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية الأوسع نطاقًا. يعد تفعيل نموذج الإيجار ثنائي المستوى أحد السياسات الاقتصادية الفعالة المعمول بها في الوجهات العالمية الأخرى، حيث يُخصص جزء من الوحدات الفاخرة لعروض الإيجار الميسورة أو متوسطة النطاق خلال المواسم منخفضة الإقبال، مع الاحتفاظ بميزة التفرد للضيوف رفيعي المستوى خلال فترات الذروة. تتمثل السياسة الثانية في طرح عروض بأسعار خاصة للإقامات الطويلة (الأكثر من 7 أيام مثلاً) خلال المواسم غير المزدحمة عبر المنصات المتخصصة أو من خلال وكالات السفر الشريكة. تستهدف السياسة الثالثة منح مزايا ضريبية لشركات التطوير العقاري الملتزمة بتوفير نسبة محددة (10% إلى 20% مثلاً) من وحداتها لبرامج التأجير الميسورة أو متوسطة المستوى. وعند دعم فكرة طرح خيارات إقامة متنوعة لا تقتصر على المنتجعات الفاخرة، فقد يسهم ذلك في تعزيز نمو الشركات الصغيرة وتوفير المزيد من فرص العمل. وعلى الرغم من الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها منطقة البحر الأحمر لتصبح وجهة فاخرة عالمية رائدة إلا أن تحقيق نجاح مستدام يتطلب إعادة تقييم شاملة لاستراتيجيات التسعير الحالية ونماذج التشغيل الموسمية. فالاعتماد فقط على التسعير التقليدي المرتفع دون مراعاة حساسية السوق قد يحدّ من الطلب عليها ويؤثر على قدرتها التنافسية على المدى الطويل، خاصة في ظل التركيز العالمي المتزايد على عنصري الاستدامة والقيمة المضافة. علاوة على ذلك، فإن الطبيعة الموسمية للسياحة في البحر الأحمر قد تؤدي إلى تذبذب كبير في آلية العرض والطلب، مما قد يترك المنتجعات والبنية التحتية الخاصة بها غير مستغلة في الفترات التي تشهد انخفاضا ملحوظا في عدد السائحين. |
|
|
|
|
|
|
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2025، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة |