|
|
لفهم مساهمة استثمارات صندوق الاستثمارات العامة في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بالنسبة المئوية، علينا أن نشرح أولاً مقياسا رئيسيا للاستثمار في علم الاقتصاد، وهو "إجمالي تكوين رأس المال الثابت" (GFCF). ويوفر هذا المقياس رؤية شاملة لمدى استثمار اقتصاد ما في قدراته الإنتاجية المستقبلية. ولتوضيح هذا الأمر، تخيل أن المملكة العربية السعودية قررت بناء منطقة صناعية ضخمة تضم المصانع، والطرق، ومحطات الطاقة، وبالتالي سوف تستثمر الأموال في بناء مرافق تصنيع جديدة، وشراء آلات متطورة، وتحسين البنية التحتية لدعم هذه المصانع. ويعد هذا الاستثمار في الأصول المادية - مثل المباني والمعدات والطرق، مثالاً عمليا لإجمالي تكوين رأس المال الثابت (GFCF). وتشير الزيادة في إجمالي تكوين رأس المال الثابت إلى أن الاقتصاد يعمل على توسيع قدرته على إنتاج السلع والخدمات، وهو أمر أساسي للنمو الاقتصادي. وعلى النقيض من نمط الإنفاق الاستهلاكي، الذي قد يوفر شعورا فوريا بالرضا، يمثل إجمالي تكوين رأس المال الثابت نمطا من الاستثمارات ذات الفوائد طويلة الأجل، وهذا النمط هو الذي يدعم مواصلة الإنتاج وزيادة الدخل في المستقبل، مما يجعله عاملا ضروريا للتنمية المستدامة خاصة في مجالين: إنشاء المزيد من الشركات في قطاعات مختلفة، وتوفير المزيد من فرص العمل. ![]() وقد بلغ متوسط إجمالي تكوين رأس المال الثابت في المملكة حوالي 23% من الناتج المحلي الإجمالي. ويعد هذا المؤشر مهما لفهم مدى نشاط المملكة العربية السعودية في الاستثمار من أجل تحفيز النمو الاقتصادي، وتنويع اقتصادها، وتنفيذ رؤية 2030. وتشير هذه النسبة (23%) إلى أن ما يقرب من ربع الناتج الاقتصادي للبلاد يُوجَه إلى الاستثمارات في البنية التحتية، والآلات، والأصول الإنتاجية الأخرى، وهي علامة إيجابية للنمو الاقتصادي والتنمية على المدى الطويل. ![]() وزاد حجم استثمارات الصندوق على المستوى المحلي خلال السنوات الثمانية الماضية بصورة كبيرة. وقد توسعت استراتيجية الصندوق الاستثمارية لتتجاوز الاستثمارات في القطاع المصرفي، وقطاعي الطاقة والتكنولوجيا في المملكة، والسياحة والرياضة والترفيه. وترتبط جهود التنويع الاقتصادي التي يبذلها صندوق الاستثمارات العامة أيضا بخلق فرص العمل، مما يعزز من دخل الأسر السعودية. فعلى سبيل المثال، أسهمت تلك الاستثمارات بشكل غير مباشر إلى رفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، فضلا عن التراجع الملحوظ في نسبة البطالة من 12.8 % في 2018 إلى 7.1 حاليا، ما يجعلها تناهز المعدل المستهدف لـ “رؤية 2030”.
📈 تحفيز اقتصاد السوق الحر وتساهم الاستثمارات الخاصة المحلية في تشكيل رأس المال الثابت في المملكة بشكل لافت، حيث بلغ متوسطها 83%، وهو ما يحفز من مفهوم اقتصاد السوق الحر في المملكة. فالاقتصاد الحر الذي يتسم بالحد الأدنى من التدخل الحكومي والأسواق المفتوحة والملكية الخاصة، يعزز بيئة مواتية لريادة الأعمال والابتكار والمنافسة. هذه العوامل مجتمعة تحفز الأنشطة الاقتصادية وتزيد من الإنتاجية وتجذب الاستثمارات، مما يساهم بشكل مباشر في زيادة الناتج المحلي الإجمالي خاصة في السنوات الثماني الماضية، باستثناء عام 2020 بسبب تداعيات جائحة كرونا تحديدا كما يظهر في الشكل البياني التالي ![]() في عام 2024، قُدّر نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة العربية السعودية بـ 30,149 دولار أمريكي. ويستند هذا الرقم إلى ناتج محلي إجمالي بلغ 1,083 مليار دولار أمريكي وعدد سكان يبلغ حوالي 34 مليون نسمة. ووفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي، سيتخطى نصيب الفرد في المملكة من الناتج المحلي الإجمالي حاجز 34 ألف دولار أمريكي عام 2030. ومقارنة بعام 2025، يمثل ذلك زيادة إجمالية بأكثر من 4 آلاف دولار أمريكي، ما يعكس اتجاها تصاعديا. ختاما، فقد أدى توسع الصندوق وتنويع استثماراته خاصة في القطاعات المحلية بنسبة انكشاف على قطاعات متنوعة تجاوزت 40 % على مدى الثماني سنوات الماضية إلى تحقيق مكاسب رأسمالية كبيرة، ودخل إضافي أسهم في زيادة الأصول المدارة من قبل الصندوق، ، وانعكس ذلك إيجابيا على تكوين رأس المال الثابت وزيادة نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي إذ يُعزز تراكم الأصول لدى الصندوق، والتي تقدر قيمتها بحوالي تريليون دولار أمريكي، استقرار الاقتصاد الكلي للمملكة. ![]() ![]() ومع نهاية عام 2024، بلغت أصول صندوق الاستثمارات العامة السعودي 0.94 تريليون دولار، متجاوزة بذلك الهدف السنوي الذي كان يقدر بنحو 0.88 تريليون دولار. ويمثل ذلك زيادة بنسبة 390% منذ عام 2016، بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 22%. وبعد مرور شهرين من العام الجديد 2025، احتل الصندوق المرتبة الثانية بين أكثر الصناديق السيادية نشاطا في العالم من حيث قيمة الصفقات في فبراير/شباط، حيث بلغت قيمة الصفقات العالمية التي أبرمها الصندوق 3 مليارات دولار. ونتيجة لهذا النمو المستدام، عُدل الهدف الأصلي للصندوق لعام 2030، الذي كان يبلغ 1.87 تريليون دولار، ليصبح 2.67 تريليون دولار حاليا. وزادت أصول الصندوق المدارة خمسة أضعاف في غضون ثماني سنوات، مما يضعه بين أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم. |
|
|
|
|
|
|
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2025، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة |