الأسبوع الثلاثون > الترميز العقاري: ما الذي يمنع من تحقيق إمكاناته الكاملة في السعودية؟





 

الترميز العقاري: ما الذي يمنع من تحقيق إمكاناته الكاملة في السعودية؟
 

قد يرغب المستثمرون العقاريون في المملكة العربية السعودية في تغيير تفضيلاتهم التقليدية، واختيار "الترميز العقاري" باستخدام تقنية البلوك تشين. وقد بدأت شركة واحدة على الأقل في نموذج عمل يحمل الخصائص الرئيسية لهذه المعاملة الرقمية الحديثة، وخاصة من خلال ملكية جزء من مبنى، أو وحدة سكنية في العاصمة الرياض. وتعرف تقنية "الترميز العقاري" باختصار بأنها عملية تحويل حقوق الملكية في العقارات إلى وحدات رقمية صغيرة قابلة للتداول.

إلا أن هذه المعاملة الرقمية الجديدة تفتقر إلى جانب مهم يمكن أن يؤثر على نجاحها؛ ألا وهو عدم وجود سوق ثانوية لهذه المعاملات الرقمية في المملكة.

فعدم وجود لوائح تنظيمية تتعلق بوجود السوق الثانوية لمثل هذه المعاملات الرقمية يمكن أن يخلق منطقة رمادية للمستثمرين بسبب حالة عدم اليقين. ويفتقد السوق العام إلى القدرة على تطوير نظام محلي أوسع لقطاع العقارات الخاضعة للترميز الرقمي، ويشمل ذلك أيضا بعض الخدمات، مثل إدارة الممتلكات، والتقييم والدعم القانوني، والأسوأ من ذلك خلق سوق راكدة غير جاذبة للمستثمرين فضلا عن سوق موازية خارج الأطر القانونية.

ولكن قبل أن نتطرق إلى الموضوع الرئيسي حول أهمية وجود سوق ثانوية في السعودية لهذه المعاملات الرقمية وفي
أرقام ويك اند لهذا الأسبوع، نجيب عن:

 
ما هي تقنية "الترميز العقاري" بصورة أوضح، وما الأمثلة لشرح هذا المفهوم؟
وما هو حجم سوق "الترميز الرقمي" في جميع أنحاء العالم؟
وما حجم سوق الترميز العقاري على وجه التحديد؟
وما هي الأمثلة والمنصات الرئيسية للترميز في الأصول البديلة؟
وأخيرا، لماذا لا يمكن أن تنجح تقنية الترميز العقاري في السعودية بدون السوق الثانوية؟
 
⁉️
ما هي عملية الترميز الرقمي؟

يشير الترميز الرقمي إلى عملية إنشاء تمثيل رقمي (أو إنشاء رمز مميز) لأصل أو قيمة في العالم الحقيقي على تقنية السجلات الموزعة، مثل البلوك تشين. ويمكن أن يمثل هذا الرمز الرقمي التوكن أنواعاً مختلفة من الأصول، بما في ذلك الأصول المالية، أو السلع المادية، أو حتى الحقوق والخدمات. وفيما يلي نعرض لكم بعض الأمثلة لتوضيح هذا المفهوم:

الأصول المالية:
● الأسهم والسندات: يمكن تطبيق الترميز الرقمي على الأدوات المالية التقليدية مثل الأسهم والسندات. فعلى سبيل المثال، يمكن لشركة ما أن تُصدر رموزا رقمية تُمثل حصصاً من أسهمها. ويمكن تداول هذه الرموز الرقمية التوكن على تقنية البلوك تشين، مما يسمح بإجراء معاملات أسرع، وتقليل الاعتماد على الوسطاء. ويمكن لهذه العملية أن تعزز السيولة، وتعزز وصول المستثمرين إلى السوق.

العقارات:
● الملكية الجزئية: يسمح الترميز الرقمي بالتملك الجزئي للممتلكات العقارية، فعلى سبيل المثال، يمكن تحويل مبنى تجاري إلى رموز توكن رقمية عديدة، يمثل كل منها حصة من الملكية. ويمكن للمستثمرين شراء هذه الرموز الرقمية، مما يتيح لهم الاستثمار في العقارات دون الحاجة إلى شراء عقار بأكمله. وهذا يجعل الاستثمارات العقارية سهلة المنال، وممكنة لصغار المستثمرين للمشاركة في مشاريع واسعة النطاق.

الأعمال الفنية والمقتنيات:
● الرموز الفنية الرقمية: يمكن للفنانين إنشاء رموز غير قابلة للاستبدال (NFTs) تمثل ملكية العمل الفني الرقمي. فكل رمز من هذه الرموز فريد من نوعه، ويمكن شراؤه أو بيعه أو تداوله على منصات مختلفة. ولا يوفر هذا الرمز الفني الرقمي للفنانين تدفقات جديدة للإيرادات فحسب، بل يسمح أيضا لهواة جمع الأعمال الفنية الرقمية بامتلاك تلك الأعمال وتداولها بشكل آمن.

سلاسل التوريد والمصدر:
● تتبع السلع: يمكن استخدام تقنية الترميز الرقمي لتتبع مصدر المنتجات في سلاسل التوريد. وعلى سبيل المثال، يمكن أن يمثل رمز  التوكن الرقمي شحنة محددة من حبوب البن العضوية، مما يوفر للمستهلكين معلومات يمكن التحقق منها حول منشأ هذه الحبوب، وكيفية معالجتها، ورحلتها إلى السوق، مما يعزز الشفافية والثقة في سلسلة التوريد تلك.

الوصول إلى الخدمات:
● منصات مشاركة السيارات: يمكن أيضاً تطبيق الترميز الرقمي على عملية الوصول إلى الخدمات المختلفة، فعلى سبيل المثال، يمكن لمنصة لتأجير السيارات أن تصدر رموزاً رقمية تسمح لحامليها باستخدام سيارة ما لفترة محددة. وبمجرد أن يحصل المستخدم على الرمز المميز لتلك السيارة، يمكنه فتح أبوابها واستخدامها على الفور، مما يسهل عملية استئجار السيارات بشكل عام.


 
🔦
حجم سوق الترميز الرقمي

يشهد حجم سوق الترميز الرقمي في جميع أنحاء العالم نموا كبيرا، مدفوعا بالاعتماد المتزايد على تقنية البلوك تشين، وتزايد الطلب على معاملات مالية أكثر كفاءة وأمانًا.

● نمو السوق: وفقا لتقارير أبحاث السوق المختلفة، قُدرت قيمة سوق الترميز الرقمي العالمية بحوالي تريليون دولار في عام 2025، ومن المتوقع أن ترتفع هذه القيمة إلى 10.6 تريليون دولار بحلول عام 2030. ويُعزى هذا النمو الكبير إلى الحاجة المتزايدة إلى وجود طرق آمنة للدفع، وحماية البيانات، وكذلك رقمنة الأصول.

● تأثير القطاع المالي: يُعد قطاع الخدمات المالية أحد أكبر المساهمين في سوق الترميز الرقمي، ومن المتوقع أن يؤثر ترميز الأصول؛ مثل الأسهم والسندات والعقارات، بشكل كبير على حجم السوق، حيث تستكشف المزيد من المؤسسات حلول تقنيات البلوك تشين لإدارة الأصول وعمليات التداول.
 
❓
ما هو حجم سوق الترميز العقاري؟

قُدر حجم سوق الترميز العقاري في عام 2025 بحوالي 300 مليار دولار، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 3 تريليون دولار في عام 2030.

تتخذ الاستثمارات العقارية التقليدية في الغالب أشكالا غير سائلة، مما يعني أنه لا يمكن شراؤها أو بيعها بسهولة. وتسمح تقنية الترميز الرقمي بتداول رموز  التوكن العقارية في الأسواق الثانوية، مما يوفر للمستثمرين القدرة على بيع أسهمهم بسهولة أكبر. وهذه السيولة المتزايدة يمكن أن تجذب المزيد من المستثمرين إلى السوق، حيث يمكنهم الدخول والخروج من الاستثمارات بمرونة أكبر.


وفيما يلي تفصيل بسيط لمفهوم الأسواق الثانوية:

● السوق الأولية: هذا هو المكان الذي تتم فيه المعاملات العقارية لأول مرة. على سبيل المثال، عندما يقوم أحد المطورين ببناء مجمع سكني جديد ويبيع الوحدات للمشترين، فهذا هو السوق الأساسي.

● السوق الثانوية: بعد البيع الأولي، إذا قرر مالك المنزل بيع عقاره لشخص آخر، تتم هذه الصفقة في السوق الثانوية. ويشبه الأمر إعادة بيع سيارة مستعملة؛ فالسيارة باعتها في الأصل الشركة المصنعة (السوق الأولية)، والآن تباع هذه السيارة من قبل مالك سابق لها (السوق الثانوية).
 
 
🔍
ما هي الأمثلة والمنصات الرئيسية للترميز في الأصول البديلة؟

الفن والمقتنيات:
● مثال: تعمل شركات مثل كيوريو إنفست على ترميز الأعمال والمقتنيات الفنية، مما يتيح الملكية الجزئية والاستثمار في القطع الفنية عالية القيمة، أو المقتنيات النادرة.

حقوق الموسيقى:
● تسمح شركات مثل أوديوس Audius للفنانين بترميز حقوقهم الموسيقية، مما يتيح للمعجبين والمستثمرين شراء أسهم في العائدات الناتجة عن بث هذه الموسيقى.

النبيذ:
● تسمح منصات مثل فينوفيست للمستخدمين بالاستثمار في النبيذ الفاخر عن طريق ترميز الزجاجات، أو مجموعات محددة منه، مما يوفر طريقة للتداول والاستثمار في النبيذ كفئة من فئات الأصول.

القطع التذكارية الرياضية:
● مثال: تعمل منصات مثل سورير (Sorare) على ترميز البطاقات والقطع التذكارية الرياضية، مما يسمح للمشجعين بشراء وبيع وتداول مثل هذه الأعمال التذكارية الرياضية المفضلة لديهم.

السلع الفاخرة:
● مثال: تعمل شركات مثل لوكسوتشين (Luxochain) على ترميز السلع الفاخرة (مثل حقائب اليد والساعات الفاخرة) لتوفير دليل على الأصالة والملكية، مما يسهل تداول هذه الأصول عالية القيمة.

مشاريع التمويل الجماعي:

● مثال: العروض الأولية للعملة (ICOs) التي تسمح للشركات الناشئة بترميز حقوق الملكية أو حقوق المشروع الخاص بهذه العروض، مما يتيح للمستثمرين شراء الرموز التي تمثل حصة في هذا المشروع. (فمن خلال الطرح الأولي للعملة، يمكن للمستثمرين شراء الرموز الرقمية المميزة باستخدام عملات مشفرة مثل البيتكوين أو الإيثيريوم).

 
🤔
لماذا لا يمكن أن تنجح تقنيات الترميز العقاري في السعودية بدون سوق ثانوية؟

1- انخفاض السيولة

● خيارات خروج محدودة: بدون وجود سوق ثانوية، لن يكون لدى المستثمرين في تقنية الترميز العقاري منصة لبيع رموز التوكن العقارية بعد الطرح الأولي. ويمكن أن يؤدي هذا النقص في السيولة إلى نفور المستثمرين المحتملين، لأنهم قد لا يرغبون في الاحتفاظ برأس المال في استثمار لا يمكن التخارج منه بسهولة.

● فترات الاحتفاظ الأطول: قد يضطر المستثمرون إلى الاحتفاظ برموزهم الرقمية لفترات طويلة وكأنها سوق تقليدية، حتى إذا تغيرت ظروف السوق أو إذا احتاجوا إلى الوصول إلى أموالهم. وقد يؤدي ذلك إلى الإحباط والشعور بزيادة المخاطر المرتبطة بالاستثمار.

2- انخفاض ثقة المستثمرين

● قد تقل احتمالية مشاركة المستثمرين المحتملين في السوق إذا كانوا يرون أن هذه السوق لا توفر السيولة. وقد يؤدي ذلك إلى تقلص قاعدة المستثمرين، وانخفاض الطلب الكلي على الرموز الرقمية العقارية.

3- تحدي التقييم:

بدون وجود سوق ثانوية، لن تكون هناك آلية لاكتشاف الأسعار بناءً على آليات العرض والطلب. ويمكن أن يؤدي غياب نشاط التداول إلى انعدام الشفافية فيما يتعلق بالقيمة الحقيقية للرموز العقارية الرقمية، مما يجعل من الصعب على المستثمرين تحديد قيمتها بدقة.

● احتمالات المبالغة في القيمة أو التقليل منها: يمكن أن يؤدي عدم القدرة على تداول الرموز الرقمية العقارية إلى سوء التسعير، حيث قد تكون هذه الرموز الرقمية مقيّمة بأعلى من قيمتها، أو بأقل منها، بناءً على معلومات قديمة أو غير مكتملة.

4- محدودية نمو السوق

● خنق الابتكار: قد يكون المطورون ومالكو العقارات أقل ميلًا لتحويل أصولهم إلى رموز رقمية عقارية إذا علموا أنه لا توجد سوق مجدية لتداول تلك الرموز.

● انخفاض المنافسة: يمكن أن يؤدي عدم وجود سوق ثانوية إلى الحد من المنافسة بين العروض العقارية الخاضعة لهذا الترميز، مما يؤدي إلى توافر خيارات أقل أمام المستثمرين، وربما وجود عروض أقل جودة كذلك.

5- التحديات التنظيمية

قد يؤدي حظر بعض البلدان للأسواق الثانوية الخاصة بهذه المعاملات إلى ظهور سوق مفككة ومضطربة، حيث قد يسعى بعض المشاركين إلى العمل خارج الأطر التنظيمية في تلك البلدان، فيحدث تداول لتلك الرموز الرقمية العقارية دون رقابة، وقد يؤدي ذلك إلى تعرض المستثمرين للاحتيال.
 


أقرأ أيضــــاً
مؤشر ارقام لصناديق الأسهم يتفوق على تاسي تاريخيا

يسعى أي مستثمر في سوق الأوراق المالية الي إدارة أمواله وتحقيق اقصى استفادة منها من خلال مجموعة من الأدوات الاستثمارية المتاحة، التي توفرها تلك الاسواق، ولعل اهم تلك الأدوات هي صناديق الاستثمار.

وصناديق الاستثمار هي عبارة عن اوعية استثمارية تقوم بجمع رؤوس أموال، وتديرها وفقاً لاستراتيجية وأهداف استثمارية محددة يضعها مدير الصندوق (مقابل رسوم محددة)..لتحقيق اهداف ومزايا استثمارية قد لا يستطيع المستثمر الفرد تحقيقها بشكل منفرد في ظلّ موارده المحدودة.
استكشف التقرير
كيف تساعد منصة أرقام تشارتس في التنبؤ بالنتائج المالية.. قطاعات متنوعة

كنا تحدثنا في العدد الماضي، عن كيفية تنبؤ منصة أرقام تشارتس بالنتائج المالية، ومن خلال التقرير الأول تحدثنا عن قطاع البنوك  ومن ثم قطاع البتروكيماويات، وكيف تم تبسط توقع النتائج المالية للشركات.

في هذا العدد سيتم التطرق لعدد من القطاعات المختلفة في السوق السعودي، وإبراز أهم المؤشرات الاسترشادية التي تساهم في توقع النتائج المالية لتلك القطاعات.
استكشف التقرير
السعودية في الطريق نحو الاكتفاء الذاتي من الثروة الحيوانية 

الإعلان الأخير لجمعية حفر الباطن التعاونية في السعودية عن إنشاء أكبر مدينة للثروة الحيوانية في الشرق الأوسط قد يسلط الضوء عن مشروع جديد في صناعة تهيمن عليها أكبر شركة للثروة الحيوانية في المملكة وهي شركة المراعي.

فالمشروع الجديد يأتي في ظل وجود شركة كبيرة تمكنت من الحفاظ على مكانتها الريادية في السوق السعودية في مختلف القطاعات، وذلك بفضل محفظة منتجاتها المتنوعة التي تشمل منتجات الألبان والعصائر والمخبوزات والدواجن، بالإضافة إلى مشاريعها الجديدة للحوم الحمراء والمأكولات البحرية المقرر اكتمالها في عام 2026.
استكشف المزيد
Facebook
Twitter
LinkedIn
Instagram
YouTube
حمل تطبيقاتنا
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2025، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة