في بداية العام الجديد 2025، يوجّه المستثمرون في العقود الآجلة للنفط الخام أنظارهم إلى التوقُّعات الخاصة بتحركات الأسعار، وذلك عبر مراقبة عدد من العوامل رئيسية.
وفي هذا العدد الأسبوعي من أرقام ويك اند، نلقي الضوء بشيء من التعمّق على تلك العوامل.
ويلجأ المضاربون إلى العقود الآجلة للنفط الخام، لا طلباً للتحوّط من تقلبات الأسعار فحسب، ولكنْ أيضاً لتحقيق مكاسب.
وبشراء هذه العقود، يؤمّن المضاربون السعر الراهن للنفط، مراهنين على ارتفاع هذا السعر في المستقبل -عندما يحين موعد استحقاق العقود.
والأصل في المضاربة هو الشراء بسعر منخفض والبيع بسعر مرتفع. ويشتري المضاربون عقود النفط الآجلة عندما يتوقعون أن أسعارها ستزيد في المستقبل، وإذا ما صحّت توقعاتهم وارتفعت الأسعار، يمكنهم بيع العقود بأسعار مرتفعة، محققين بذلك مكاسب.
وعليه، فإن المقدرة على توقّع حركة الأسعار بدقّة أعلى، يمكن أن تسهم في اتخاذ قرارات أفضل فيما يتعلق بتخصيص الأصول أو أين نضع الأصول.
وفي ضوء ذلك، يمكن للمستثمرين أن يعدّلوا محافظهم الاستثمارية من أجل تعظيم العوائد، في مقابل تخفيض المخاطر.
وفيما يلي، نعرض تحليلا نوعيا للعوامل الرئيسية في عام 2025، والتي يمكن الاسترشاد بها كنقاط أساسية.
هذه النقاط يمكن أن يستعين بها محلّلو البيانات الذين يستخدمون في عملهم طرقاً معقدة للتوقّع، كما يلجأون إلى عمل تحليل كمي لاستخلاص الرؤى بناء على التحليل النوعي، لتقديمها لاحقا للمستثمرين.
وعلى ضوء تلك الرؤى المدروسة بعناية، يمكن للمستثمرين أن يتخذوا قراراتهم (التي عادة ما تكون عشيّة المضاربة) وأن يضعوا استراتيجيات تحوّط ضد تقلّبات الأسعار.
ما هي العوامل الرئيسية المؤثرة على العقود الآجلة للنفط الخام وما هي استراتيجية التوقّع؟
عامل ترامب
سياسات داعمة للنفط: يمكننا القول إن ترامب صار كتابا مفتوحا، لا سيما عندما يتعلق الأمر بسياسات النفط. وفي فترته الرئاسية الأولى، عكف ترامب على تطبيق سياسات كانت في عمومها داعمة لصناعة النفط والغاز. وكان من بين تلك السياسات: تخفيف القواعد التنظيمية، وتشجيع إنتاج الوقود الأحفوري، ودعم التوسّع في أعمال التنقيب.
وتُنْبئ إعادة انتخاب ترامب بمواصلة هذا النهج في السياسات أو بتسريع وتيرتها، عبر تحفيز مزيد من الإنتاج النفطي وخفض الأسعار.
ومن المتوقع أن تركّز إدارة ترامب على زيادة الإنتاج المحلي من النفط، وذلك عبر مبادرات مثل التوسع في أعمال التكسير الهيدروليكي أي التنقيب عن النفط بضخ سوائل مضغوطة في بئر محفورة لإنشاء كسور صغيرة بالصخور التي يتعذر الوصول إليها وهو ما يساعد على تدفق النفط إلى البئر بسهولة.
هذا التوجّه كفيل بأن يؤدي إلى زيادة قوية في المعروض النفطي، ما سينعكس على أسعار النفط عالميا، وبالتالي على العقود الآجلة.
سياسة ترامب الخارجية: لكنْ من الأهمية بمكان أن نضع في الحُسبان سياسة ترامب الخارجية، لا سيما إزاء الدول المنتجة للنفط والتي يصنّفها ترامب باعتبارها دولا معادية، مثل إيران وفنزويلا.
ومن المتوقع أن تتخذ إدارة ترامب موقفا صارماً إزاء هاتين الدولتين على وجه الخصوص، وذلك عبر تطبيق عقوبات كفيلة بالتأثير على صادراتهما النفطية.
بدورِها، يمكن لهذه السياسة أن تُفضي إلى تقليص المعروض النفطي عالميا، ما سيؤثر بالتبعية على الأسعار.
وتعدّ هاتان الدولتان من بين المنتجين الكبار للنفط، ومن شأن خفض معروضهما النفطي أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، وفقاً لبديهيات العرض والطلب.

وفي نهاية تحليلنا لعامل ترامب من حيث التأثير على أسعار النفط في 2025، نشير إلى أن الولايات المتحدة خلال حكم الحزب الجمهوري تربطها تاريخيا علاقة مضطربة مع منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفائها (أوبك بلس).
وإذا ما رأت إدارة ترامب أن تتخذ موقف المواجهة إزاء منظمة أوبك، فقد يفضي ذلك إلى اتخاذ هذه المنظمة في المقابل رداً انتقاميا، كأنْ تخفّض إنتاجها.
هذا الخفض في الإنتاج من جانب أوبك، كفيل بخفض المعروض العالمي، وبالتالي ارتفاع الأسعار.
عامل قرارات أوبك
تلعب منظمة أوبك دورا محوريا في تحديد المعروض النفطي عبر حصص إنتاجية. ويوجّه المضاربون أنظارهم إلى اجتماعات أوبك وبياناتها بخصوص خفض الإنتاج أو زيادته.
التوقعات الدولية لسعر خام برنت في 2025
البنك الدولي |
73 دولارًا |
صندوق النقد الدولي |
72.8 دولار |
جي بي مورجان |
73 دولارًا (المتوسط طوال عام 2025) وأقل من 70 دولارًا بنهاية العام |
إدارة معلومات الطاقة الأمريكية |
74 دولارًا |
بي إم آي (فيتش) |
75 دولارًا |
بنك الكومنولث الأسترالي |
70 دولارًا |
🇨🇳
عامل الصين
تعدّ الصين أكبر مستهلك للنفط في العالم، لكنّ طلبها على النفط لا يشهد نمواً كبيرا؛ حيث تدخل الصين عام 2025 بمعدلات نموّ متباطئة، ما قد يؤدي إلى تراجُع استهلاك الطاقة على صعيد الصناعة والتصنيع.

إلى جانب ذلك، تتجه الصين بقوة إلى الاستثمار في الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، في إطار استراتيجيتها للحدّ من الانبعاثات الكربونية وخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري.
الإصلاحات الاقتصادية الرئيسية في الصين:
ضخ السيولة: ضخ البنك المركزي في أكتوبر 70 مليار دولار نقدًا في النظام المالي، في خطوة لتخفيف ضغوط السيولة وتشجيع البنوك على الإقراض.
السندات الحكومية: قام البنك المركزي بإصدار سندات خاصة بقيمة 2 تريليون يوان (284 مليار دولار أمريكي) إضافية لتحفيز الاستثمار.
متطلبات الاحتياطي: خفض البنك المركزي مقدار الاحتياطيات المطلوبة التي يجب على البنوك الاحتفاظ بها مقابل التزامات الودائع الخاصة بها.
معدل الرهن العقاري: خفض البنك المركزي معدلات الرهن العقاري حتى يتمكن المقترضون من الحصول على قروض بسعر فائدة أقل.
دعم البلديات المحلية: إعادة هيكلة الديون ومساعدتها على شراء المنازل غير المباعة بسبب أزمة الإسكان. وتهدف الحكومة من خلال شراء هذه المنازل إلى تقليل مخزون العقارات غير المباعة.
حوافز الاستبدال: قد تقدم الحكومة إعانات أو خصومات ضريبية أو خصومات للمستهلكين الذين يستبدلون أجهزتهم أو سياراتهم القديمة عند شراء أجهزة أو سيارات جديدة.
هذا التحوّل من جانب الصين، كفيل بأن يفضي إلى خفض الطلب العالمي على النفط في 2025 وفي أعوام لاحقة.
استهلاك الصين من النفط المكرر
2021 |
718.5 مليون طن |
2022 |
724.3 مليون طن |
2023 |
399 مليون طن |
2024 |
394 مليون طن |
تأثير الجغرافيا على السياسة في الشرق الأوسط العامل الجيوسياسي
هذا العامل من شأنه أن يؤثر على معروض النفط وأسعاره. ويراقب المضاربون أحداث الشرق الأوسط عن كثب؛ حيث يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات في الإمدادات وبالتالي إلى انخفاض المعروض في السوق.
هذا الانخفاض في المعروض، في ظل ارتفاع الطلب أو استقراره، عادة ما يُفضي إلى ارتفاع أسعار النفط.
📈
مؤشرات اقتصادية عالمية
البيانات الاقتصادية، مثل معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي، ومؤشر الوظائف، والنشاط الصناعي، وغيرها يمكن أن تؤثر على الطلب على النفط.

وعادة ما يؤدي النمو الاقتصادي القوي إلى ارتفاع الاستهلاك النفطي، وفي المقابل يمكن أن يؤدي التراجع الاقتصادي إلى انخفاض الطلب على النفط.