|
|
تمتلك البرازيل أضخم اقتصاد في أمريكا اللاتينية، كما أنها أكبر شريك تجاري للسعودية في تلك المنطقة، ويُنظر إلى الناتج المحلي الإجمالي للبرازيل كمؤشّر بالنسبة لمُصدّري السلع حول العالم؛ حيث تعدّ البرازيل واحدة من أكبر المنتجين والمصدّرين حول العالم لمختلف السلع، التي تضمّ الفول الصويا، الحديد الخام، القهوة، السكر واللحم البقري. وعليه، فإن أداء الاقتصاد البرازيلي مرتبط بشكل وثيق بأسعار تلك السلع وبحجم الطلب عليها في الأسواق الدولية. ويقوم جزء كبير من اقتصاد البرازيل على الزراعة والتعدين، ما يتركه شديد الحساسية للتذبذبات في أسعار السلع حول العالم.  وشهد اقتصاد البرازيل، خلال النصف الثاني من العام الماضي، مؤشرات متزايدة على ما يعرف بـ فورة النشاط الاقتصادي أو التوسّع المتسارع للاقتصاد. ومن تلك المؤشرات أن أسعار السلع والخدمات بشكل عام قد شهدت زيادة كبيرة؛ وأن أسعار الأصول -كالعقارات والأسهم- قد شهدت زيادات بوتيرة متسارعة، وسط مخاوف من حصول فقاعة عقارية. وتحيط الشكوك بقدرة الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا داسيلفا على الوفاء بتعهداته الخاصة بإصلاح عجز الموازنة المتنامي بسبب الارتفاع المطرد في الدين القومي لتمويل مشاريع تنموية. وإذا استمرّت فورة النشاط التي يشهدها الاقتصاد البرازيلي، فإن ذلك كفيل بأن يؤدي في نهاية المطاف إلى تدخل حكومي بسن سياساسات مالية واقتصادية جديدة لـ تهدئة الاقتصاد، وهو ما سيسفر حتما عن تباطئ في النمو الاقتصادي قد يتبعه انكماش.
ما هي تبعات فورة النشاط الاقتصادي للبرازيل؟ ولمَ ينبغي على المستثمرين وصانعي السياسات السعوديين مراقبة ذلك؟ 📉 تذبذبات العملة
فورة النشاط الاقتصادي يمكن أن تؤدي إلى تقلّب في سعر صرف العملة. وإذا ما انخفضت قيمة العملة المحلية بسبب ضغوط تضخمية أو بسبب اضطراب اقتصادي، فسترتفع تكلفة الواردات، ما يتركها أغلى ثمناً على المستهلكين أفراداً وشركات. كما أن هذا يمكن أن يخفض الطلب على السلع المستوردة. ووفقاً لأحدث البيانات، فقد انخفض سعر الريال البرازيلي أمام الدولار الأمريكي لمستوى قياسي، عند 6.11 ريال لكل دولار. 
⛔ ضغوط تضخمية أدّت فورة النشاط الاقتصادي في البرازيل إلى حدوث تضخّم، ما أثّر بدورِه على القدرة الشرائية للمستهلك البرازيلي. وهذا قد يؤدي إلى انخفاض الواردات من دول أجنبية في حال تفضيل المستهلكين البرازيليين -أفراداً وشركات- للمنتجات المحلية، في مواجهة لارتفاع التكلفة. ⚖️ سياسات تجارية وتعريفات جمركية في مواجهة فورة النشاط الاقتصادي، قد تلجأ الحكومات إلى اتخاذ تدابير حمائية، كالتعريفات الجمركية أو الحصص، في محاولة للسيطرة على التضخم من جهة، ودعماً الصناعات المحلية من جهة أخرى. وهذا بدوره يجعل دخول السوق أكثر صعوبة وأعلى تكلفةً على السِلع الأجنبية. وفي أكتوبر 2024، زادت البرازيل قيمة التعريفات الجمركية على واردات الحديد من 12.6% إلى 25%.  % ارتفاعات في معدل الفائدة في محاولة لمكافحة التضخم، قد تلجأ البنوك المركزية إلى رفع معدلات الفائدة، وهو إجراء يمكن أن يؤدي إلى زيادة تكاليف الاقتراض على الشركات، ما قد ينتج عنه انخفاض معدلات الاستثمار في المخزون ثم انخفاض في الواردات بالتبعية. إضافة إلى ذلك، يمكن لمعدّل الفائدة المرتفع أن يقلل من إنفاق المستهلكين، ما يترتب عليه مزيد من انخفاض الطلب على السلع المستوردة. وبالفعل، أعلن البنك المركزي البرازيلي عن خطط لارتفاعَين في معدل الفائدة مطلع العام الجديد 2025، ما يمثل تحولاً في السياسة النقدية. وجدير بالذكر أن معدل الفائدة السنوية في البرازيل منذ ديسمبر 2024 هو 12.25%. وعندما ترتفع معدلات الفائدة، ترتفع تكلفة الاقتراض على الشركات. وعادة ما يعتمد المستثمرون الأجانب على مصادر تمويلية لمشاريعهم الاستثمارية. ومن شأن ارتفاع معدلات الفائدة أن يزيد من تكلفة الحصول على قروض تمويلية بالنسبة لهذه الشركات، وهو ما قد يعرقل استثماراتها في مشروعات جديدة أو على الأقل يحدّ من توسّعها في المشروعات القائمة. أيضا، يمكن لارتفاع معدلات الفائدة أن يؤدي إلى زيادة تكاليف التشغيل على الشركات، لا سيما تلك التي تعاني مديونيات بالفعل. وإذا ما توقع المستثمرون الأجانب أن أرباحهم ستتقلّص بسبب ارتفاع التكاليف، فإن ذلك قد يدفعهم إلى إعادة النظر في قراراتهم الاستثمارية أو إلى تأجيلها. 🧭 تحوّل في الوجهة الاستثمارية المفضلة إذا ما توقع المستثمرون ارتفاعاً في معدلات الفائدة، فإن ذلك قد يدفعهم إلى البحث عن ملاذات استثمار أكثر أماناً وذات دخل ثابت، بدلا من الاستثمارات ذات المخاطر المرتفعة، بما في ذلك الاستثمار الأجنبي المباشر. هذا التحوّل يمكن أن ينتج عنه انخفاض في تدفقات رؤوس الأموال إلى الدولة؛ لأن المستثمرين يفضلون الاستقرار على النموّ المحتمل. ووفقاً لوكالة الأنباء السعودية (واس)، تمتلك السعودية محافظ استثمارية نشطة عديدة في البرازيل، بينها حصة 10% من وحدة المعادن الأساسية التابعة لشركة فالي، وذلك من خلال مشروع مشترك بين صندوق الاستثمارات العامة السعودية وشركة التعدين العربية السعودية معادن. كذلك، استحوذت الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني سالك - إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة- على أسهم بقيمة 180 مليون دولار في شركة بي آر إف، البرازيلية الرائدة عالمياً في قطاع الدواجن. هذا الاستحواذ يمثل 10.7% من أسهم بي آر إف بقيمة تناهز1.27 مليار ريال سعودي. 💸 زيادة تكلفة الإنتاج لنأخذ اللحوم كمثال؛ كونها الوارد البرازيلي الأساسي للأسواق السعودية. وعادة ما تتسبب فورة النشاط الاقتصادي في ارتفاع معدلات التضخم، ما يرفع بدورِه تكاليف المُدخلات -من العلف والأيدي العاملة والنقل- على مُنتجي اللحوم. وبدورِه، يمكن لارتفاع تكاليف الإنتاج أن يقلّص هوامش الربح للمُصدّرين، ما يزيد من صعوبة المنافسة في الأسواق العالمية. أيضاً، فورة النشاط الاقتصادي يمكن أن تؤدي إلى زيادة الطلب على العُمّال في مختلف القطاعات. وهذا يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أجور العُمال في مجال صناعة اللحوم، وإلى مزيد من الارتفاع في تكاليف الإنتاج، وإلى احتمال انخفاض القدرة التنافسية لصادرات اللحوم البرازيلية. |
|
|
|
|
|
|
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2025، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة |