|
|
تكمن الصلة بين السيولة المتوفرة لدى الشركة وبين الربحية (أي قدرتها على تحقيق الأرباح بشكل مستمر) في ذلك الأثر الفوري الذي تتركه مثل هذه الجوانب على السلامة المالية للشركة، وقدرتها على التوسع بشكل متواصل مع مرور الوقت. فمن الأمور المهمة للغاية بالنسبة لأي شركة هي ما تتمتع به من قدرة على تلبية احتياجاتها المالية، سواء اليومية أو الشهرية. وبمعنى آخر، فإن معيار السيولة هو الذي يحدد ويقيس قدرة تلك الشركة على تغطية ما لديها من التزامات في الوقت الراهن، مستعينةً بما لديها من الأصول الحالية (أي المتوفرة لدها في الوقت الحالي). لكن لا ينبغي أيضا أن نغفل أهمية الاستثمار في المشروعات المناسبة (التي يتوقع لها النجاح) على المدى الطويل، وهو ما يسمح للشركات بتحقيق الأرباح المرغوب فيها. ويتطلب القيام بذلك من الشركات أن تكتسب القدرة على تحويل ما لديها من أصول إلى أموال نقدية في أسرع وقت ممكن، من دون أن يؤدي ذلك إلى خسائر في قيمتها السوقية. وقد توصلت العديد من الدراسات الأكاديمية والأوراق البحثية إلى أن ثمة علاقة سلبية بين الاحتفاظ بالسيولة وتحقيق الربحية، وذلك في دلالة على أن زيادة مستوى السيولة تكون مصحوبة في الغالب بانخفاض في مستوى الأرباح. بيد أن الصلة بين توافر السيولة والقدرة على تحقيق الأرباح لا تتوقف عند هذا الحد فقط، لكنها تمتد أيضا لتشمل عدة عوامل أخرى، مثل الهيكل الخاص بالحوكمة (أو حسن الإدارة) داخل الشركات، والحوافز التي يمكن تقديمها، ومستوى الإشراف والرقابة الإدارية داخل تلك الشركات. في هذا العدد من "أرقام ويك اند" نقدم لكم إجابات عن الأسئلة التالية:
كيف يمكننا تقييم الواقع الاقتصادي والمالي لشركة ما؟ وما هي العوامل الرئيسية المرتبطة بتوافر السيولة لدى الشركات؟ وهل تؤثر السيولة على قدرة الشركات على تحقيق الأرباح؟ وكيف يمكن أن تؤثر إدارة المعلومات بكفاءة وإتقان في قدرة الشركات على تحقيق الربحية المرجوة؟
💰 الواقع الاقتصادي والمالي لشركة ما
تتضمن العوامل التي تُستخدم لتقييم مستوى الربحية لدى الشركات، أو قدرتها على تحقيق الأرباح، مؤشرَيْن مُهمَيْن، وهما: متوسط العائد على الأصول، ومتوسط العائد على حقوق الملكية، وهما مؤشران يساعدان في توفير فهم دقيق للواقع الاقتصادي والمالي لشركة ما. كما إنه تجدر الإشارة هنا إلى مقياس آخر لا يقل أهمية، وهو مقياس الربح مقابل كل سهم، والذي يسمح أيضا بقياس مستوى الربحية لدى الشركات من خلال المشروعات الاستثمارية التي نفذتها.
🧩 العوامل الرئيسية للسيولة يعد العامل الذي يعرف بـ النسبة الحالية أهم عامل في قياس مستوى السيولة، والذي يمكن للشركة الحصول عليه من خلال إجراء عملية قسمة لقيمة الأصول الحالية لديها، مقابل قيمة التزاماتها الحالية. كما يخضع قياس مستوى السيولة أيضا لما يعرف بالاختبار الحاسم، والذي يقوم على طرح الأصول الحالية للشركة من قيمة المخزون الحالي لديها. والاختبار الحاسم في الاقتصاد، الذي يعرف أيضا باسم النسبة السريعة، هو طريقة حساب يمكن من خلالها قياس قدرة الشركة على دفع ما عليها من فواتير قصيرة الأجل). ويمكن أيضا لمن يريد قياس قدرة الشركة على توفير السيولة أن يفكر في نسبة النقد أو الاختبار الدفاعي، وهو مقياس يمكن الحصول عليه من خلال إجراء عملية قسمة للنقد المتوافر لدى الشركة ومعه مُعادِلات النقد (أي كل ما يعادل النقد)، مقابل الالتزامات الحالية للشركة. (ويقصد بمعادِلات النقد، أو ما يسمى أحيانا المكافِئ النقدي، هي تلك الاستثمارات منخفضة المخاطر التي يمكن تحويلها بسهولة إلى نقود في فترة قصيرة، تبلغ عادة نحو 3 أشهر أو أقل. وتُسجل قيمة تلك الاستثمارات في الميزانية العامة للشركة بقيمتها السوقية الحالية، مثل: السندات الحكومية قصيرة الأجل، والسندات المالية القابلة للتداول في السوق). بالإضافة إلى ذلك، هناك أيضا مقياس رأس المال العامل، الذي يمكن التفكير فيه عند الرغبة في حساب السيولة لدى الشركة. وهو مقياس يمكن الحصول عليه من خلال إجراء عملية طرح لقيمة الأصول الحالية من قيمة الالتزامات الحالية للشركة.
⁉️ هل يؤثر توافر السيولة أو نقصها على ربحية الشركات؟ هذا الأمر يتوقف على عدد من السيناريوهات التي يمكن إجمالها فيما يلي: 💸 عندما تسعى الشركة نحو زيادة ما في حوزتها من سيولة، فإنها بذلك تضحي بقدرتها على تحقيق مزيد من الأرباح، والعكس صحيح. إذ إن المشروعات الاستثمارية التي تتطلب قدراً كبيراً من السيولة تميل إلى تحقيق عوائد أقل مقارنة بتلك المشروعات التي تحتاج فقط إلى مقدار أقل من السيولة. 🔛 عندما تبدأ شركةٌ ما عملياتها التجارية في السوق، فإن ما تركز عليه كأولوية لديها هو تحقيق الربحية، وليس توفير السيولة. ✅ لكن عندما تكون الشركة في وضع جيد بالفعل في السوق، فإن الأمور تتغير كثيراً، لأنها كمؤسسة سينصب اهتمامها أكثر على توفير سيولة كافية ومناسبة، من أجل تلبية احتياجاتها. 🕵️ من الضروري في وقت مبكر اكتشاف ما إذا كان هناك تضارب في المصالح بين المساهمين في الشركة والمديرين فيها، إذ من المعتاد أن يسعى الفريق الأول إلى تعظيم الأرباح والوفرة الاقتصادية داخل الشركة، بينما يسعى المديرون على الدوام إلى الحصول على حوافز من أجل العمل لمصلحتهم.
📊 كيف يمكنك أن يُدار مؤشر "السيولة مقابل الربحية"
يهتم هذا المؤشر بعدة عوامل، وهي تحقيق الاستفادة من الموارد المتاحة، والجهد المتعلق بالإنتاج مقابل كل وحدة، والكفاءة الإجمالية للتشغيل. يبدو أنه من الضروري أيضا أن نضع في الاعتبار أن العوامل الخارجية الأخرى - مثل المنافسة في السوق، والأوضاع الاقتصادية العامة - يمكن أن يكون لها أثرٌ واضحُ على مؤشر السيولة والربحية. إذ قد يتغير المستوى الأمثل للسيولة وفقاً لعدد من العوامل، مثل طبيعة الشركة، وطبيعة القطاع الذي تعمل فيه، بالإضافة إلى وضع السوق. أضف إلى ذلك أن الشركات ربما تختار الاحتفاظ بمستويات أعلى من الأصول السائلة، كإجراء احترازي في أوقات الركود الاقتصادي، أو فترات عدم اليقين، وهو الأمر الذي يمكن أن يؤثر في مستوى الربحية على المدى القريب. وعند مقارنة الطريقة التي تتعامل بها الدول والأقاليم المختلفة مع مؤشر السيولة والربحية، فإنه من الضروري النظر إلى السياق العالمي للاقتصاد والأسواق. إذ إن الاختلافات الموجودة بين الدول والأقاليم فيما يتعلق بالقوانين، واللوائح المالية، وثقافات العمل، يمكنها أن تترك أثراً واضحاً على الشراكات والتحالفات بين المؤسسات الاقتصادية المختلفة. وهنا تظهر الحاجة إلى إجراء تحليل المخاطر والأحداث، والذي يهدف إلى التحقيق في الطريقة التي يمكن أن تؤثر بها الأحداث غير المتوقعة؛ مثل الأزمات المالية، أو الكوارث الطبيعية، أو حالات الركود الاقتصادي، على مؤشر السيولة والربحية. فمثل هذه الأمور يمكن أن تترك أثراً بالغاً على طريقة إدارة السيولة داخل الشركات، وحتى جودة الأداء المالي لديها. ولذا، يجب التأكيد على أن قدرة الشركات على تحديد الطريقة التي يمكن من خلالها إدارة التدفقات النقدية في فترات الاضطرابات الاقتصادي وحالات عدم اليقين، تعد استراتيجية أصيلةً يمكن الاعتماد عليها عند اتخاذ القرار.
🎯 الإدارة الحكيمة للبيانات
إن الحوكمة الرشيدة للشركات يمكن أن تعد أحد العوامل المهمة التي يمكن بذل الجهد فيها لتحقيق زيادة في القيمة السوقية للشركة، ومن ثم زيادة ثقة المستثمرين في البيانات المالية للشركة. كما إن تطبيق معيار الحوكمة الرشيدة للشركات يمكن أن يوفر حماية فعالة لأصحاب الأسهم والشركاء، حتى يظلوا على قناعة بأن استثماراتهم تحقق العوائد المرجوة. بالإضافة إلى ذلك، تُسهم الحوكمة الرشيدة للشركات في توفير حصة سوقية تحظى بالشفافية والكفاءة، ويعزى ذلك إلى زيادة احتمالات أن يضع المستثمرون أموالهم في شركات تتمتع بسمعة جيدة في جودة إدارة للبيانات، والتي تتجلى في وجود بيانات مالية دقيقة وشفافة. ولذلك فإن تطبيق معيار الحوكمة الرشيدة يمكنه أن يساعد أصحاب الشركات في التحكم في مستوى الربحية والسيولة إلى أبعد درجة ممكنة. |
|
|
|
|
|
|
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2024، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة |