الأسبوع الثالث عشر > كيف تساعد الحوافز الضريبية في الحدّ من تحوُّل الشركات متعددة الجنسيات إلى الملاذات الضريبية؟





 

كيف تساعد الحوافز الضريبية في الحدّ من تحوُّل الشركات
متعددة الجنسيات إلى الملاذات الضريبية؟

 

تلعب السياسة الضريبية دورا هاماً في تنظيم الاقتصاد الكليّ. وبإمكان الدول أن تفرض ضرائب على الدخل المكتسب على أراضيها؛ لكن ثمة تفاوتات بين دولة وأخرى فيما يتعلق بالمعدلات الضريبية التي تفرضها، وبتعريف كل دولة لماهية القاعدة الضريبية أو (الوعاء الضريبي)، وأخيرا فيما يتعلق بالحوافز التي تقدّمها كل دولة بهدف جذب الاستثمار.

أيضا، الدخل الذي تكسبه الشركات متعددة الجنسيات وفروعها يخضع لقوانين الضرائب في البلد المضيف. ومن ثمّ، فإن تقديم حوافز ضريبية أو تعديل قوانين الضرائب من أجل جذب استثمارات أجنبية مباشرة أصبح ظاهرة عالمية.

وتحاول الاقتصادات الناشئة أن تتبع سياسات تستهدف من خلالها تهيئة بيئة مواتية للشركات الأجنبية، والتي تقود بدورها قاطرة النمو والتنمية في الدول التي تنجح في استضافتها.

 
المملكة العربية السعودية 🇸🇦 ، قدّمت في ديسمبر من العام الماضي حزمة الإعفاء الضريبي لمدة 30 سنة للشركات الأجنبية التي تدشّن مقرات إقليمية لها في المملكة. وجاءت هذه الخطوة في إطار حملة تقوم بها المملكة لجذب استثمارات دولية.
حزمة الحوافز السعودية تضمّنت (صفر في المئة) لمعدل ضريبة الشركات لمدة 30 سنة، ويطبّق ذلك بدءًا من تاريخ حصول الشركات الأجنبية على ترخيص المقرّ الإقليمي.

وفي هذا العدد من
أرقام، نجيب عن الأسئلة التالية:

 
 كيف يمكن للإصلاح الضريبي للشركات أن يدعم البحث والتطوير وأن يزيد العائد على الأصول؟ 
 وما هي العلاقة بين الإصلاح الضريبي للشركة وتحوّل الربح؟ 
 وما هو نظام ضريبة القيمة المضافة استنادا إلى الإنتاج؟ وفي المقابل، ما هو نظام ضريبة القيمة المضافة استنادا إلى الاستهلاك؟ 
 وأخيرا، ما هي الصلة بين المزايا الضريبية والقيمة طويلة المدى للشركات؟ 

 
🔎
دعم البحث والتطوير

إنّ جهود البحث والتطوير تعدّ قاطرة حيوية تقود إلى الابتكار. وعادة ما تقدّم الحكومات دعما لمبادرات البحث والتطوير في سبيل تعزيز نمو اقتصادي عالي الجودة. وتستخدم الحكومات نظام الضرائب لديها كوسيلة أساسية من أجل تحقيق هذا المسعى.

وعليه، فإن الإصلاح الضريبي للشركات، لا سيما فيما يتعلق بضريبة القيمة المضافة، يعدّ بشكل واضح عنصرَ جذب هام؛ إذْ يخفف أعباءً اقتصادية عن كاهل الشركات.

وفي ظل إصلاح ضريبة القيمة المضافة تحديداً، اكتسبت الشركات قدرة على اقتناء مُعدّات جديدة، وعلى تقليص تكاليف الإنتاج بشكل ملموس، فضلاً عن تهيئة بيئة أكثر مواتاة للاستثمار في مجال البحث والتطوير.


 
💎
العائد على الأصول

كشفت دراسة أكاديمية في الصين أن تراجعاً بنسبة 1% في الإقرار الضريبي للمؤسسة، في أعقاب إصلاح ضريبي للشركة، كفيلٌ بأن يزيد العائد على الأصول للشركة بنسبة 1.7% ويعتبر العائدُ على الأصول مقياساً لمدى كفاءة الشركات في توليد الأرباح من أصولها المستخدمة في المشاريع.
 

 
🧾
نظام ضريبة القيمة المضافة استناداً إلى الإنتاج في مقابل نظام ضريبة القيمة المضافة
استناداً إلى الاستهلاك

عمدت دول عديدة إلى تغيير نظامها الخاص بضريبة القيمة المضافة استناداً إلى الإنتاج؛ حيث لا تستطيع الشركات الحصول على خصومات في ضرائب القيمة المضافة لدى شراء أصول ثابتة.

لكن، مع بداية تباطؤ النمو الاقتصادي، والذي جاء مصحوباً بالميل إلى المضيّ قُدما على صعيد التطور التقني، وإعادة الهيكلة الصناعية، وتغيُّر أنماط النمو – في ظل ذلك رأت هذه الدول أن تتحوّل إلى نظام ضريبة القيمة المضافة استناداً إلى الاستهلاك.

وفي ظل نظام ضريبة القيمة المضافة استناداً إلى الاستهلاك، يُسمح للشركات بالحصول على خصومات في ضرائب القيمة المضافة لدى شراء أصول ثابتة، عوضاً عن ضرائب القيمة المضافة على المُخرجات. وهو ما يشجّع الاستثمار في الأصول الثابتة.

هذا الإصلاح الضريبي أدى بدوره إلى زيادة ملموسة في نسبة القيمة المضافة المحلية لصادرات الشركات.


 
⛔️
الحدّ من تحويل الأرباح

تكشف دراسات أكاديمية عن إصلاحات في النظام الضريبي للشركات جرى تنفيذها في أنحاء أوروبا، وقد أثمرت هذه الإصلاحات عن الحدّ من قيام الشركات متعددة الجنسيات بعملية تحويل أرباحها خارج الدول المضيفة.

وتحويل الأرباح هي عملية تلجأ إليها الشركات متعددة الجنسيات من أجل أن تدفع ضرائب أقلّ مما يتعيّن عليها دفعه، وذلك بنقل نشاطها من اقتصادات ذات ضرائب عالية إلى اقتصادات ذات ضرائب منخفضة أو منعدمة - فيما يُسمّى ملاذا ضريبيا.

 وعلى الرغم من أن الشركات متعددة الجنسيات عادة ما تُبدي حساسية للتغييرات في معدلات الضرائب، فإن الدراسات الأكاديمية أظهرت تراجعا ملحوظا في تحويل الأرباح إذا ما روعي عند الإقدام على تلك التغييرات مسألة توسيع القاعدة الضريبية أمام الشركات متعددة الجنسيات بما يشجّعها على عدم التهرب الضريبي.

ولا تزال هناك شركات متعددة الجنسيات تستغل تفاوت معدلات الضرائب فيما بين الدول للتهرّب من دفع الضرائب.
وفي وقتنا الراهن، أصبح التهرّب الضريبي وتحويل الأرباح ظاهرة عالمية. وبحسب تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ثمة دول معرّضة لخسارة حوالي 240 مليار دولار سنويا من عائدات ضرائب الشركات جرّاء عملية تحويل الأرباح.


 
⏳
القيمة طويلة المدى للشركات

تشير الحوافز الضريبية للشركات بأنه يمكن أن تكون هناك عوائق تحول بين الشركات وبين النمو بشكل مستديم على المدى الطويل. 
وتعدّ المزايا الضريبية شيئا هاماً بالنسبة للشركات المبتدئة والمتعثرة.

ومع ذلك، ووفقاً لتحليل عمليّ في دراسة أجريت في 2021 بجامعة سيميونج في كوريا الجنوبية، يمكن للمزايا الضريبية أن تفيد الشركات ولكنّ ذلك يكون على المدى القصير فقط، أما على المدى البعيد، فقد يتراجع أثر ذلك إلى النصف.

والسبب في ذلك هو أن الصناعات، في ظل المزايا الضريبية، قد تصبح أكثر تنافسية مع دخول شركات جديدة أو زيادة مرافق الإنتاج. هذا صحيح، لكنه يُسفر في نهاية الأمر عن تراجُع هوامش الربح قبل الضرائب.

إضافة إلى ذلك، من بين أنواع المزايا الضريبية للشركات، ثمة مزايا يمكن أن تؤدي إلى التخلّف عن دفع الضرائب، ما من شأنه أن يشكّل عائقا يحوْل دون تحقيق نمو مستديم على المدى البعيد للشركات.

وأخيراً، فإن إتاحة حوافز ضريبية لجذب استثمارات أجنبية مباشرة يمكن أن يتسبب في جلب عوامل خارجية سلبية لاقتصاد البلد المضيف؛ فالحوافز الضريبية التي تذهب للشركات متعددة الجنسيات يمكن أن تُسهم في خلق بيئة منافسة غير عادلة بين تلك الشركات في جهة، وبين الشركات المحلية التي تنتج نفس السِلع في الجهة المقابلة.


أقرأ أيضــــاً
كـيف يـمكن للمســتثمر تــخصيص اســتثماراتــه بين الـصناديـق النشــطة والــغير نشــطة؟

مقارنة بين صناديق مُدارة بشكل نشط وأخرى مُدارة بشكل سلبي: كيف تختار بينهما بناءً على توقعات العائد والتكاليف؟ هذه الفكرة الأساسية هي محور نقاش "أرقام ويك اند" ما بين الاستثمار النشط والسلبي.
استكشف الدراسة
عاملان حاسمان تتوقف عليهما صناعة شحن الحاويات بالكامل

ثمة دورٌ محوريٌ لصناعة النقل البحري في عمليات التجارة العالمية؛ إذ يُنقل ما يقرب من 80% من حجم تجارة البضائع في العالم عبر عمليات الشحن البحري، فضلا عن نقل ما بين 55% إلى 67% من قيمة التجارة العالمية من خلال هذا النوع من الشحن. 
أقـــرأ المقال
الاستثمار في أفريقيا: هل أنت من محبي المخاطر أم ممن يبحثون عن النمو؟

بدأت معظم البلدان الأفريقية في تبني سياسات صديقة للاستثمار، أي تلك التي تتوافق مع متطلباته، ومن بينها تعليق الضرائب، وما يعرف بالعطلات الضريبية، وتحرير الاقتصاد، وإصدار سياسات تنظيمية تهدف إلى إكسابها ميزات تنافسية في سوق الاستثمار.
أقـــرأ المقال
Facebook
Twitter
LinkedIn
Instagram
YouTube
حمل تطبيقاتنا
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2024، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة