|
|
ثمة تحدي الآن يواجه الشركات الأجنبية التي تبيع منتجاتها سواء في المتاجر أو عبر الإنترنت في السعودية، مثل السراويل الرياضية الضيقة الرائجة، بأسعار تتراوح ما بين 229 إلى 625 ريالاً. يكمن هذا التحدي في شروع علامات تجارية سعودية أخرى ذات جودة عالية في تقليد تلك المنتجات، فمثلاوعرض منتجات مشابهة لها، كالسروال الرياضي، بأسعار تتراوح ما بين 42 إلى 81 ريالاً فقط. لا يخضع أمر تقليد الموديلات أو التصميمات لنفس الإطار التشريعي الحاكم لقضايا انتهاك حقوق الملكية الفكرية، إذ تتمتع سائر العلامات التجارية المحلية بالحرية في طرح تصميمات مشابهة طالما أنها لا تستخدم عناصر محددة مشمولة بالحماية مثل الشعارات أو العلامات التجارية المميزة أو السمات المحمية ببراءات اختراع للمنتجات الدولية المشابهة. ولذلك، فقد أصبحت الإصدارات الأزهد سعرًا من تلك المنتجات الأجنبية سواءً في قطاع الملابس الرياضية أو مستحضرات التجميل أو حتى ساعات اليد بديلاً موائمًا بشكل خاص للمتسوقين من الشباب خاصة في السعودية اللذين يتخذون من تطبيق تيك توك في عصرنا هذا مكانا مفضلا للتسوق و لشراء احتياجاتهم. ![]() حجز تطبيق تيك توك لنفسه مكانةً ضمن قائمة أكثر المنصات استخدامًا في المملكة، في ظل استخدام أكثر من 35 مليون مستخدم له، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى الانتشار الموسع للمحتوى الإعلاني على المنصة. ومن واقع رواج المحتوى التسويقي والإعلاني على تيك توك في السعودية التي يمثل الأفراد دون الثلاثين من العمر أكثر من 60% من سكانها، فقد شرعت بعض العلامات التجارية المحلية في إنتاج موديلات مشابهة حتى تتيح للمستهلكين ذوي الدخل فوق المتوسط والمتوسط والمنخفض خيارات شرائية أكبر غالبًا ما تكون أفضل وأرخص كثيرًا. يستند الرسم البياني التالي إلى بيانات غوغل ترند. فعلى مدار الاثني عشر شهرًا الماضية تشير البيانات إلى أن السعوديين والمقيمين في المملكة أظهروا اهتمامًا كبيرًا بالبحث عن كلمة dupe باللغة الإنجليزية. ويعكس هذا الفضول المتزايد رغبة المستهلكين في العثور على بدائل بأسعار معقولة للسلع ذات العلامات التجارية باهظة الثمن. وتشير الزيادة في عمليات البحث هذه إلى أن العديد من الأفراد يستكشفون المزيد من الخيارات المناسبة للميزانية دون المساومة على الأناقة. وتعد الكملة الإنجليزية الأكثر بحثًا في الرياض تليها المنطقة الشرقية ومكة المكرمة والمدينة المنورة والقصيم. ![]()
📉 تقليل هامش الربح يؤدي تصاعد وتيرة هذا المنافسة إلى إضعاف قدرة الشركة الأجنبية على فرض أسعار عالية أو تقليل تملكها لشعور التفرد بمنتجاتها، والتي كانت من الركائز الرئيسية لنجاحاتها السابقة. غالبًا ما تضطر الشركة الدولية إلى تقليل الأسعار في صورة خصومات سعرية للحفاظ على قدرتها التنافسية، ويمكن أن يؤدي هذا الضغط التسعيري إلى تقليل الهامش الربحي لكل منتج مُباع. بل ربما تتكبد الشركة نفقات أكبر في التسويق والترويج لعلامتها التجارية لتمييز نفسها في السوق، مما يؤدي إلى انكماش القدرة الربحية بشكل أكبر. فعلى سبيل المثال، إذا كانت الشركة تبيع السروال الرياضي في السوق السعودي بنحو 120 دولارًا تقريبًا، في حين تبلغ تكلفة تصنيعه في الصين أو بنغلاديش أو سريلانكا 25 دولارًا فقط، فبذلك سيبلغ هامش الربح لكل قطعة 95 دولارًا. إذا اضطرت الشركة إلى تقديم خصم بنسبة 20% للحفاظ على قدرتها التنافسية، فسينخفض سعر البيع إلى 96 دولارًا، وستصبح قيمة ربح كل قطعة حينها 71 دولارًا. تنفق الشركة 4 دولارات أخرى على كل قطعة للتسويق والترويج للعلامة التجارية عبر الإنترنت وفي المتاجر، وبذلك ستقل قيمة الربح الفعلية الجديدة لكل منتج وستصير 67 دولارًا. بسبب انخفاض ربحية كل قطعة، سيقل إجمالي أرباح الشركة وسينخفض صافي دخلها بشكل نسبي، وذلك بافتراض ثبات حجم المبيعات. فإذا كانت الشركة مثلاً تبيع 10,000 قطعة سنويًا، فسيكون: ● الربح الأصلي: 10,000 قطعة × 95= 950,000 دولار ● الربح الجديد الناتج عن دخول العلامات التجارية المحلية في المنافسة: 10,000 قطعة × 67= 670,000 دولار تنخفض الأرباح السنوية للشركة بنحو 280,000 دولار. ![]()
🔍 إعادة تعريف المستهلكين الشباب لمفهوم الثروة والموضة على غرار سائر الشباب حول العالم ابتداءً من لندن وحتى سنغافورة، لا يمثل شعار العلامة التجارية لشريحة في فئة الشباب السعودي قيمة كبيرة تضاهي قيمته المعتادة، إذ يهتمون أكثر بالبحث عن العروض الأرخص سعرًا. يسعى المستهلكون الشباب باستمرار إلى الحصول على قيمة تضاهي المال المدفوع، حيث يرون الخصومات والعروض بمثابة إشارة إلى الذكاء الشرائي أكثر من كونها ترسيخًا لمكانة العلامة التجارية. يتأثر أفراد جيل زد Generation Z وجيل الألفية الأصغر سنًا بمنصات التواصل الاجتماعي التي تتزايد فيها مشاركة عروض الشراء وإعلانات الأزياء ميسورة التكلفة. لنضرب مثالاً بالعلامة التجارية البريطانية الفاخرة بربري (Burberry) ونتناولها كدراسة لحالة انخفاض الطلب على المنتجات الفاخرة على مستوى القطاع. ![]() يشير الانخفاض الأخير في حجم مبيعات وربحية شركة بربري إلى حجم التحديات الأكبر نطاقًا التي تواجهها العلامات التجارية الفاخرة في خضم تغير العوامل العالمية المؤثرة على سلوك المستهلك، وذلك حتى قبل تصاعد حدة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين وقبل إعلان إدارة ترامب التعريفات الجمركية. في العام الماضي، انخفضت الأرباح التشغيلية للشركة بنسبة 40% على أساس سنوي، وانخفضت إيرادات الشركة بنسبة 15% لتبلغ 2.5 مليار يورو؛ دون النظر إلى تأثيرات سعر الصرف، وهذا يوضح حجم التراجع الكبير في المبيعات الذي طال جميع المناطق، لاسيما في آسيا والمحيط الهادي والأمريكتين، حيث شهدت تلك المناطق وحدها انخفاضًا في المبيعات بنحو 23%. يوضح الرسم البياني التالي التوجه الاستراتيجي الذي تنتهجه شركة بربري لابتكار مجموعات منتجات جديدة أرخص كثيرًا من منتجاتها المتميزة المعروضة الحالية. يمكن تفسير هذا التوجه على أنه استجابة لسلوكيات المستهلك المتغيرة؛ وخاصة تلك المتعلقة بتأثير التيك توك وأنماط التسوق الإلكتروني لعروض المنتجات المقلدة والعلامات التجارية المحلية المنافسة، حيث تشيع تلك الأنماط بين الشباب في الأسواق الكبرى: الولايات المتحدة، والصين وإيطاليا. ![]() مع شيوع عرض منتجات تضاهي في جودتها المنتجات الفاخرة على تطبيق تيك توك، أتاح طرح منتجات أقل تكلفة الفرصة لشركة بربري لعرض منتجات بديلة موسومة بعلامتها التجارية تلبي مطامح المستهلكين الراغبين في اقتناء منتجات أصلية بأسعار منخفضة. فعلى النقيض من العلامات التجارية الكبرى الأخرى مثل هيرميس (Hermès) أو شانيل (Chanel)، حولت شركة بربري دفتها بقوة نحو متاجر البيع المخفضة وطرح الخصومات، مما أسهم في زيادة حجم مبيعاتها بأكثر من 17% في 2024. وفي حين أن هذه الزيادة قد تنعكس على حجم إيرادات الشركة، فإن هذه الاستراتيجية تتنافى مع مبدأ أصيل في عملية البيع والشراء لتلك العلامات التجارية الفاخرة، ، إذ تنحصر مميزات العلامات التجارية الفاخرة في ميزة تفردها بمنتجاتها بسبب ارتفاع أسعارها بشكل كبير وعلى نحو يجعلها حصرية للأثرياء فقط. في السوق الأمريكية التي تعد أكبر أسواق شركة بربري، أشارت نتائج استطلاع رأي أجرته شركة الأبحاث Morning Consult مؤخرًا شمل 2200 شخص في أكتوبر إلى أن ثلث شباب الولايات المتحدة قد اشتروا طوعًا منتجًا مقلدًا. وترتفع هذه النسبة بين المتسوقين الأصغر لنحو النصف تقريبًا بين أفراد جيل زد وإلى 44% بين أفراد جيل الألفية.
❓ عوامل الاقتصاد الكلي الداعمة للمنتجات المُقلَدة في السعودية يمثل عامل توفير النفقات أول الأسباب التي تدفع الناس لشراء منتجات مقلدة أو محلية تنافس العلامات التجارية العالمية. وتلعب عوامل الاقتصاد الكلي الأساسية مثل الدخل الأسري والتضخم دورًا حيويًا في تشكيل ملامح السلوك الشرائي بين قطاع واسع من أفراد المجتمع في المملكة. يعمل التضخم على تقليل القدرة الشرائية للمستهلكين، مما يجعل عنصر يُسر التكلفة أمرًا بالغ الأهمية للمستهلك. وفقًا لآخر الإحصاءات الصادرة في المملكة العربية السعودية، فقد ارتفع معدل التضخم بنسبة 2.3% في مارس 2025 عن نظيره من نفس الشهر من عام 2024، ليسجل بذلك أعلى نسبة تضخم منذ يوليو 2023 (أي منذ 21 شهرًا). مع زيادة أسعار السلع والخدمات اليومية، يميل الأشخاص إلى إيلاء أولوية الإنفاق إلى الأساسيات، ويبحثون عن بدائل أكثر يُسرًا في التكلفة، مثل المنتجات المقلدة أو المحلية لإشباع غريزة الأناقة في نفوسهم دون تحميل ميزانيتهم عبئًا أكبر. على سبيل المثال، زادت مصاريف السكن، والمياه، والكهرباء، والغاز والوقود بنسبة 6.9% مدفوعةً بزيادة أسعار تأجير الشقق بنسبة 11.9%. لكن بالطبع عندما يتطرق الحديث نحو الأسر ذات الثروات الكبيرة في المجتمع، يقل كثيرًا تأثير عوامل الاقتصاد الكلي تلك حينما يتعلق الأمر بسلوك شرائهم للمنتجات الفاخرة. تمتلك تلك الشريحة من المستهلكين عادةً ثروة كبيرة تحت تصرفهم تجعلهم غير مبالين بالتقلبات الاقتصادية المحيطة. وعندما يتعلق الأمر بالعلامات التجارية العالمية الفاخرة، تظل القيمة العاطفية والرمزية المحفورة في المنتجات الفاخرة الأصيلة مترسخة في ذهن بعض الأشخاص اللذين يضعون أمر اقتناء منتج أصيل على رأس أولوياتهم. فهم يُقدرون القيمة غير الملموسة للمنتج، وخاصةً تلك الأقاصيص التي تعطي للمنتج قيمةً غير موجودة في النسخ المقلدة. فعلى سبيل المثال، تحمل عادات جمع إصدارات محدودة من ساعات روليكس أو اقتناء مجوهرات عتيقة في فحواها شعورًا بالعراقة يزيد من قيمتها الاستثمارية بتقدم الزمن. |
|
|
|
|
|
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2025، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة |