|
|
من المفترض أن يؤدي فرض إدارة ترامب تعريفة جمركية إضافية بنسبة 10% على الصادرات السعودية، باستثناء النفط، وفي حال تطبيقها سيؤدي ذلك إلى انخفاض تدريجي في واردات الولايات المتحدة من المملكة العربية السعودية، كما سنشرح بالتفصيل، مع عرض لبعض الأمثلة، في هذا العدد من أرقام ويك إند. وعند دراسة المشهد الاقتصادي المتنامي بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، سنجد أن أحد العناصر الحاسمة في العلاقة بين البلدين هو الميزان التجاري الذي يعكس التفاعل بين الصادرات والواردات بينهما. فالميزان التجاري هو الفرق بين قيمة الصادرات والواردات، ويحدث الفائض التجاري عندما تزيد الصادرات عن الواردات، بينما يحدث العجز التجاري عندما تزيد الواردات عن الصادرات. ![]() فعلى سبيل المثال، إذا انخفض الطلب الأمريكي على الصادرات السعودية بسبب ارتفاع التعريفات الجمركية، سيتأثر العجز التجاري لكلا البلدين. فقد يتحسن الميزان التجاري للولايات المتحدة في علاقتها الاقتصادية بالمملكة مع انخفاض الواردات الأمريكية من المملكة، فيتحول من عجز أكبر في الميزان التجاري إلى عجز أقل، أو قد يحقق هذا الميزان التجاري فائضا لصالح الولايات المتحدة، إذا حافظت الصادرات الأمريكية إلى السعودية على مستواها، أو زادت. ويلقي تحليلنا أدناه للعلاقات التجارية بين البلدين نظرة فاحصة على ديناميكيات التجارة بينهما في الفترة من 2022 إلى 2024، وهي فترة كانت تتسم بالتقلبات والتأثيرات الجيوسياسية التي أسهمت في تشكيل واقع التجارة العالمية. ونتناول في هذا التحليل: ● فهم الميزان التجاري بين الولايات المتحدة والسعودية ● عامل التضخم المرتفع في السوق الأمريكية نفسها ● التركيز على المنتجات ذات القيمة المضافة ● تنويع سلاسل التوريد وتأثير تركيز الموردين ![]() فهم الميزان التجاري بين الولايات المتحدة والسعودية بلغ إجمالي تجارة السلع الأمريكية مع المملكة العربية السعودية ما يقدر بنحو 25.9 مليار دولار في عام 2024. إذ بلغت صادرات الولايات المتحدة إلى السعودية 13.2 مليار دولار في عام 2024، وذلك بانخفاض قدره 4.8% (670.1 مليون دولار) مقارنة بعام 2023. وبلغ إجمالي واردات الولايات المتحدة من السلع من المملكة العربية السعودية 12.7 مليار دولار في عام 2024، بانخفاض قدره 19.9% (3.2 مليار دولار) مقارنة بعام 2023. وفي عام 2022، ومن أصل 11.4 مليار دولار من الصادرات الأمريكية إلى المملكة، كانت أهم قطاعات هذه السلع هي معدات النقل (27.6% من إجمالي تلك الصادرات إلى المملكة)، والآلات والأجهزة الميكانيكية (22.4% من إجمالي تلك الصادرات)، والمواد الكيميائية والبلاستيك، والمطاط والسلع الجلدية (14.6% من إجمالي تلك الصادرات). وفي عام 2022 أيضا، ومن أصل 23.3 مليار دولار من واردات الولايات المتحدة من المملكة العربية السعودية، كانت أهم قطاعات هذه السلع هي الزيوت، والمعادن، والجير، والأسمنت (88.8% من إجمالي واردات الولايات المتحدة من المملكة العربية السعودية)، والكيماويات والبلاستيك والمطاط والسلع الجلدية (6.5% من إجمالي هذه الواردات) والمعادن الأساسية والحديد والصلب ومعدات أخرى (2.1% من إجمالي هذه الواردات). ![]() إذا أجرينا تحليلاً للصادرات السعودية إلى الولايات المتحدة في أعوام 2022 و2023 و2024، سنجد أن هناك انخفاضا في قيمة هذه الصادرات بلغ 45.5%، ومن حيث القيمة النقدية، أظهر إجمالي الواردات الأمريكية من المملكة العربية السعودية انخفاضاً قدره 10.6 مليار دولار من عام 2022 إلى عام 2024. ويمكن أن يعزى هذا الانخفاض في الصادرات في المقام الأول إلى الانخفاض الكبير في الواردات الأمريكية من النفط الخام والسلع ذات الصلة من المملكة، والتي مثلت 88.8% من إجمالي واردات الولايات المتحدة من السعودية في عام 2022. وفي عام 2022، بلغت صادرات الولايات المتحدة إلى المملكة العربية السعودية 11.4 مليار دولار. وفي عام 2023، كان هناك نمو كبير في هذه الصادرات، حيث ارتفع إجمالي هذه الصادرات الأمريكية إلى 13.9 مليار دولار. وهذا يعني أن الزيادة الإجمالية بالدولار هي: 13.9 مليار دولار ـــ 11.4 مليار دولار = 2.5 مليار دولار.
والنسبة المئوية لهذه الزيادة هي: 21.9% ثم انخفضت هذه الصادرات من 13.9 مليار دولار في 2023، إلى 13.2 مليار دولار في عام 2024، وهذا يعني أن هذا الانخفاض بالدولار هو: 13.9 مليار دولار ـــ 13.2 مليار دولار = 0.7 مليار دولار.
والنسبة المئوية لهذا الانخفاض هي: 5.0%
📈 عامل التضخم المرتفع في السوق الأمريكي نفسه قد نشهد في الأشهر القادمة خروج بعض الشركات السعودية من سوق الاستيراد الأمريكي، وتوقف بعض علاقات المشترين والموردين. ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى حرب الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة والدول التي اختارت بالفعل فرض رسوم جمركية انتقامية ردا على ذلك، وعلى رأسها الصين. ولنأخذ الولايات المتحدة والصين مثالا، لنرى الآثار المترتبة على هذا التطور بين البلدين. حتي تحديث هذا التحليل صباح الخميس 10 أبريل،رفع ترامب إجمالي الرسوم الجمركية المفروضة علي السلع الصينية لتصل الي 125%، فيما ردت الصين برفع إجمالي الرسوم الجمركية علي المنتجات الأمريكية إلي 84%، ولكي نعرف الفارق الهائل وغير المسبوق، يجب أن نعود إلي الوراء قليلا، تحديدا عام 2018. ومن الجدير بالملاحظة أن الصراع الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة مستمر منذ يناير 2018، عندما بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية على الصين. وفرضت الصين بالفعل ما بين 15% إلى 25% من التعريفات الجمركية على أكثر من 100 منتج أمريكي في عام 2018 ردا على التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب آنذاك، وشمل ذلك الألومنيوم، والطائرات، والسيارات، ولحم الخنزير، وفول الصويا، والفواكه، والمكسرات، وأنابيب الصلب. ![]() واليوم، على سبيل المثال، إذا واجهت شركة إلكترونيات أمريكية تعتمد على مكونات من الصين زيادة كبيرة في التكلفة بسبب التعريفات الجمركية على البضائع الصينية، فلنفكر ماذا سيحدث عندما تقفز التعريفة الجمركية الأمريكية على أحد المكونات الإلكترونية المهمة المستوردة من الصين من 15% إلى 125%. فإذا كان ذلك المكون يكلف في السابق 100 دولار وخضع لتعريفة جديدة بنسبة 125%، فإن تكلفته سترتفع إلى 225 دولار. ويمكن أن تؤدي هذه التكاليف المتزايدة إلى تقليص هوامش الربح للشركات التي تعتمد على هذه المكونات. وغالبا ما تنقل الشركات هذه التكاليف المرتفعة إلى المستهلكين في شكل زيادة في الأسعار. ولذلك، عندما تتكيف الشركات مع هذه التعريفات الجديدة، فقد ترفع أسعار السلع الإلكترونية أو المنتجات التي تحتوي على هذا المكون الصيني. وبالتالي، يمكن أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدلات التضخم، لا سيما في قطاع الإلكترونيات والصناعات ذات الصلة التي تصدر موادها ومنتجاتها النهائية إلى بلدان في الخارج، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، وعندها قد تفكر الشركات السعودية في تنويع مصادر التوريد للتخفيف من المخاطر ولخفض التكاليف. وقد ينطوي ذلك على استكشاف موردين جدد بدلا من الموردين المحليين، أو التفكير في البلدان ذات التعريفات الجمركية المنخفضة، أو تلك التي لا تفرض قيوداً تجارية. ![]()
ولكن فيما يتعلق بشعار صنع في السعودية، فمع ارتفاع أسعار السلع المستوردة، قد يرتفع الطلب على المنتجات المحلية سعودية الصنع، مما يشجع المصنعين المحليين على زيادة الإنتاج، والابتكار لتلبية هذا الطلب المتزايد.
🪙 العملة كأحد العوامل المهمة وبما أن الريال السعودي مربوط بالدولار الأمريكي، فإن أي زيادة في الأسعار في الولايات المتحدة بسبب حرب الرسوم الجمركية مع الصين وأوروبا، لن تخفف من تقلبات العملة. وهذا يعني أن المستوردين السعوديين سيواجهون تكاليف أعلى للسلع الأمريكية فور تطبيق هذه الرسوم الجمركية (التي دخلت حيز التنفيذ يوم السبت 5 أبريل أثناء كتابة هذا التحليل). ومع ارتفاع أسعار مجموعة واسعة من المنتجات - من المواد الاستهلاكية الأساسية إلى السلع الكمالية - قد يحتاج المستوردون السعوديون إلى إعادة تقييم استراتيجياتهم الشرائية، مما سيؤدي في نهاية المطاف إلى انخفاض حجم السلع الأمريكية التي يجري استيرادها إلى المملكة. ![]()
🔍
فائض الميزان التجاري السعودي أظهر فائض الميزان التجاري للمملكة العربية السعودية انخفاضا ملحوظا خلال السنوات القليلة الماضية، وفيما يلي أرقام شهر يناير لكل من السنوات الآتية: ● يناير 2025: 24.5 مليار ريال سعودي ● يناير 2024: 27.8 مليار ريال سعودي ● يناير 2023: 39.4 مليار ريال سعودي ● يناير 2022: 56.8 مليار ريال سعودي التغيرات على أساس سنوي: يكشف تحليل التغيرات على أساس سنوي عن اتجاه تنازلي في الميزان التجاري للمملكة: ● فمن يناير 2024 إلى يناير 2025، كان هناك انخفاض قدره 3.3 مليار ريال سعودي، أي ما يعادل انخفاضا بنسبة 11.9% تقريبا. ● كما شهدت الفترة من يناير 2023 إلى يناير 2024 انخفاضا كبيرا بلغ 11.6 مليار ريال سعودي، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 29.5% تقريبا. ● وعند مقارنة الفترة من شهر يناير 2022 إلى يناير 2023، سنجد أن هناك انخفاضا كبيرا بلغ 17.4 مليار ريال سعودي، أو ما يعادل 30.7% تقريبا. يسلط التراجع في فائض الميزان التجاري للمملكة العربية السعودية الضوء على الانخفاض المحتمل في حجم الصادرات، أو زيادة تكاليف الواردات بالفعل حتى قبل فرض الرسوم الجديدة، أو التقلبات في أسعار السلع العالمية، وخاصة النفط. كما يمكن للقضايا الاقتصادية الأوسع نطاقا، مثل التباطؤ الاقتصادي العالمي، أو التوترات الجيوسياسية الراهنة، أن يكون لها دور في تراجع الميزان التجاري للمملكة. ومن حيث الواردات، كانت الآلات والمعدات الكهربائية وأجزاؤها هي الفئة الأبرز بين هذه السلع، حيث مثلت 26.6% من إجمالي واردات المملكة، وزادت بنسبة 32.4% في 2024، مقارنة بشهر أبريل/نيسان 2023. ويلي ذلك معدات النقل وأجزاؤها، حيث شكلت 11.7% من الواردات، لكنها انخفضت بنسبة 24.5% مقارنة بالعام السابق. وفيما يتعلق بالصادرات السعودية، كانت اللدائن والمطاط ومنتجاتهما من بين أكبر الصادرات غير النفطية، حيث شكلت 26.2 % من إجمالي صادرات المملكة، ونمت بنسبة 20.5%، في 2024، مقارنة بعام 2023، وفقا للهيئة العامة للإحصاء. وشكلت المنتجات الكيماوية أيضا جزءا كبيرا من تلك الصادرات، حيث شكلت 25.7% من الصادرات غير النفطية، على الرغم من أنها شهدت انخفاضا في 2024 بنسبة 13.8%، وذلك مقارنة بالعام السابق لذلك. وظلت الصين أكبر شريك تجاري للمملكة العربية السعودية، حيث تلقت 16.6% من إجمالي صادرات المملكة في أبريل 2024، تلتها اليابان والهند بنسبة 9.2%، و8.1% على التوالي من إجمالي صادرات المملكة. 🎯 التركيز على المنتجات ذات القيمة المضافة
يمكن للمملكة العربية السعودية أن تركز على تصدير المنتجات التي لها قيمة مضافة أعلى (مثل السلع تامة الصنع، أو المواد المصنعة) بدلاً من تصدير المواد الخام، فهذا يمكن أن يخفف أيضا من تأثير التعريفات الجمركية المفروضة، حيث قد لا تخضع هذه المنتجات لنفس قيمة هذه التعريفات الجمركية. وغالباً ما يكون الطلب على السلع تامة الصنع أعلى في السوق مقارنة بالمواد الخام، ومن الأمثلة على ذلك صناعة الإلكترونيات. ففي كثير من الحالات، تُطبق التعريفات الجمركية على المواد الخام والمكونات التي تدخل في صناعات أخرى (مثل أشباه الموصلات، والمعادن، والبلاستيك) المستخدمة في الإلكترونيات. ومع ذلك، غالبا ما تخضع المنتجات تامة الصنع مثل الهواتف الذكية لتعريفات جمركية أقل، أو يمكن أن تخضع لتصنيفات جمركية مختلفة قد لا تفرض عليها نفس تلك المعدلات المرتفعة التي تفرضها على الأجزاء الفردية للمنتجات. فعلى سبيل المثال، خلال التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، جرى تطبيق بعض التعريفات الجمركية على المكونات المختلفة المستوردة إلى الولايات المتحدة، وقد حوّلت شركات أمريكية مثل أبل تركيزها نحو تجميع المنتجات النهائية في بلدان ذات تعريفات جمركية أقل، وذلك لتخفيف تلك التكاليف. ومن خلال تصنيع وتصدير الهواتف الذكية المجمعة بالكامل بدلاً من تصدير مكوناتها فقط، يمكن للشركات تجنب التعريفات الجمركية المرتفعة المرتبطة باستيراد المواد الخام أو السلع الوسيطة، وبالتالي يمكنها الحفاظ على قدرتها التنافسية في السوق، دون ترحيل هذه الزيادة الكبيرة في التكاليف إلى المستهلكين. 🛢️ إعفاء النفط من الرسوم الجمركية والتأثير المحدود على المملكة في حين تم إعفاء قطاع النفط من الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب، يبدو التأثير على المملكة العربية السعودية محدوداً، حيث شهدت المملكة بالفعل انخفاضاً كبيراً في صادراتها النفطية إلى الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة. ويمكن أن يُعزى هذا الاتجاه إلى عوامل مختلفة، بما في ذلك زيادة الإنتاج المحلي في الولايات المتحدة. ففي عام 2024، انخفضت واردات الولايات المتحدة من النفط الخام السعودي إلى ما يقرب من أدنى مستوى لها منذ 40 عاما، حيث تشتري الولايات المتحدة حاليا ما يقرب من 277 ألف برميل من النفط السعودي يوميا، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 85% تقريبا، مقارنة بأعلى مستوى قياسي بلغ 1.73 مليون برميل يوميا في عام 2003، ويرجع ذلك أساسا إلى زيادة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة. ![]() لا تزال الرياض قوة جيوسياسية هائلة، ولا تزال قادرة على التأثير على السعر الذي يدفعه سائقو السيارات في محطات الوقود في الولايات المتحدة، من خلال زيادة الإنتاج أو خفضه. ولأن النفط سلعة يجري تداولها في السوق العالمية، فإن ما يقرره السعوديون يظل يتردد صداه في الولايات المتحدة، بغض النظر عن كمية الخام التي تستوردها الولايات المتحدة من المملكة. وفي الوقت نفسه، تكثف المملكة جهودها لتعزيز الصادرات غير النفطية لتقليل اعتمادها على قطاع الطاقة، وتنويع اقتصادها. ويؤكد النمو الكبير الذي حققته المملكة في هذا الاتجاه على التزامها بتعزيز القطاعات الحيوية الأخرى، وتحقيق هدفها في الوصول إلى هيكل اقتصادي أكثر توازناً. شكلت بيانات الربع الأول من عام 2024 نقطة تحول مع نمو إيجابي بنسبة 4.56%، مقارنة بعامي 2023، و2022، مما يشير إلى انتعاش محتمل، وزخم متجدد في قطاع الصادرات غير النفطية في المملكة. وتُظهر الأرباع اللاحقة (من الربع الثاني إلى الربع الرابع من عام 2024) توقعات نمو قوية، مع ارتفاع معدلات النمو إلى أكثر من 11% واقترابها من 18%، مما يشير إلى انتعاش كبير وزيادة تنافسية الصادرات غير النفطية. (هذا مقارنة بالمسار المتراجع في أواخر عام 2022 وطوال عام 2023، حيث شهد الربع الأول من عام 2023 انخفاضا بنسبة -14.01%، وشهد الربع الثاني انخفاضا أكثر حدة بنسبة -22.57%، ربما بسبب التوترات الجيوسياسية، والضغوط التضخمية العالمية، والتباطؤ الاقتصادي العالمي، والتي تؤثر على الطلب). ![]() تنويع سلاسل التوريد
يمكن أن تدفع التعريفة الجمركية الأمريكية الجديدة البالغة 10%، المملكة العربية السعودية إلى تنويع أسواق صادراتها، وبالتالي تقليل اعتمادها الاقتصادي على السوق الأمريكية، من خلال تطوير علاقات تجارية أقوى مع دول أخرى. فمن خلال استكشاف الشراكات الاستراتيجية، والاستفادة من الطلب المتزايد على المواد الخام والمنتجات الصناعية في مناطق مثل الصين، والاتحاد الأوروبي، وجنوب شرق آسيا، وروسيا، وآسيا الوسطى، وأفريقيا، يمكن للمملكة العربية السعودية أن تكون بديلا فعالا يحل محل جزء من السوق الأمريكية بالنسبة لهذه الدول والمناطق. وتمثل الصين، باعتبارها واحدة من أكبر مستهلكي المواد الخام في العالم، سوقا واعدة بشكل خاص للصادرات السعودية، على الرغم من أن صادرات المملكة كانت أقل تنوعاً في السنوات الأخيرة بالنسبة للصين، كما هو موضح في الرسم البياني أدناه. ![]() كما يمثل الاتحاد الأوروبي أيضا سوقا جذابة للصادرات السعودية، نظرا للطلب الذي لا غنى عنه على بعض المواد الكيميائية، والمنتجات الصناعية المحددة، خاصة في قطاعي البناء والتصنيع. ومن خلال إعادة ضبط عروضها لتلبية احتياجات الاتحاد الأوروبي المتطورة، يمكن للمملكة العربية السعودية أن تتغلب على تحديات التعريفات الجمركية الأمريكية، مع تعزيز وجودها في سوق قوي مثل الاتحاد الأوروبي.
❓ تأثير تركيز الموردين هناك عقبة رئيسية في تنويع سلسلة التوريد، رغم وجود حل لذلك على المدى الطويل، كما سنوضح لاحقا. فقد شهدت المنتجات التي تخضع لقاعدة أكثر تركيزا من حيث عدد الموردين - أي أن عددا أقل من الموردين هم الذين يوفرون غالبية السلع - انخفاضا أقل في نمو الواردات، وذلك مقارنة بالمنتجات ذات قاعدة الموردين الأكثر تنوعا. وهذا يشير إلى أن الشركات التي واجهت تعريفات جمركية مرتفعة كانت أكثر ميلاً للحفاظ على علاقاتها مع الموردين القائمين خشية فقدانهم بالكامل، عندما كانت البدائل محدودة. فعندما تركزت الواردات بين عدد أقل من الموردين، كان يُنظر إلى المخاطر المرتبطة بالخروج من هذه العلاقات معهم على أنها تشكل مجازفة أكبر. فعلى سبيل المثال، إذا كانت شركة تحصل على مكون حيوي لها من خلال مورد أو اثنين فقط، فقد تختار الشركة تحمل التكاليف الإضافية الناتجة عن فرض التعريفات الجمركية بدلاً من المخاطرة بفقدان إمكانية الوصول إلى هذا المورد أو هذين الموردين بالكامل. وبالتالي، فإن استقرار العلاقات القائمة يميل إلى تخفيضات أقل حدة في حجم الواردات. ![]() ولنأخذ قطع غيار الطائرات التي تستوردها المملكة العربية السعودية من الولايات المتحدة كمثال لذلك. وسنجد أن المورد الرئيسي لهذه القطع هو شركة بوينج، وقد رسخت بوينج مكانتها كمورد عالمي رائد لقطع الغيار المتعلقة بالطائرات، وتسهم سمعتها الكبيرة في تعزيز مكانتها كمورد مفضل للمملكة العربية السعودية والعديد من الدول الأخرى. وتشتهر الشركة بهندستها المتقدمة، ومعايير السلامة القوية، وتقنياتها المبتكرة، مما أكسبها ثقة كبيرة من عملاء صناعة الطيران في جميع أنحاء العالم. لكن الآثار الاقتصادية المترتبة على الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة، وحرب الرسوم الجمركية التي ستعقب ذلك، ستزيد بشكل كبير من تكلفة شراء قطع غيار الطائرات المصنعة في الولايات المتحدة، مما يجعل عروض شركة إيرباص الأوروبية المنافسة خياراً أكثر فعالية من حيث التكلفة بالنسبة للمملكة العربية السعودية. ![]() فشركة إيرباص تشتهر أيضاً بالتزامها بالابتكار، ومعايير السلامة، وعوامل الاستدامة، وقد حققت شركة إيرباص سمعة قوية تنافس سمعة شركة بوينج، مما يجعلها منافساً قوياً في سوق الطيران العالمي أيضا. |
|
|
|
|
|
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2025، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة |