|
|
في تقريرنا بهذا العدد الأسبوعي من أرقام ويك اند، نلقي الضوء على جانب ذي أهمية كبيرة، ومع ذلك غالباً ما يتم تجاهله في سوق العقارات، وهو مخالفات أكواد أو قوانين البناء والآثار الاقتصادية والمالية المترتبة على ذلك. ولتصنيف العقار من هذه الناحية أثر كبير على قيمته السوقية ومستوى جاذبيته، سواء في السعودية أو في غيرها من البلاد حول العالم. وتضفي تسوية المخالفات شعوراً بالموثوقية والجدارة على العقار. والمخالفات التي يتم تسويتها أو التصالح عليها هي تلك التي يتم رصْدها بشكل رسميّ، ويتم إخطار مالك العقار بها، ويتم التعامل معها وفقاً لمعايير المجالس البلدية السعودية. هذه التسويات لا تعني الامتثال لقوانين البناء المحلية فحسب، وإنما تعزّز قابلية العقار للتسويق، بما يجذب المشترين أو المستأجرين المحتملين، ممن يحرصون على العيش في بيئات أكثر أمانا. على النقيض من ذلك، تقف المخالفات التي لم يتم تسويتها؛ وهذه تشمل مخالفات تتعلق بكود أو قانون البناء لم تتم معالجتها من قِبل مالك العقار، وتظهر إمّا على شكل مَخاطر متعلقة بهيكل البناء، أو في صورة قصور في أعمال السباكة، أو على شكل أنظمة كهربائية غير آمنة – وجميعها أشياء تحُطّ من قيمة العقار وتقلّل من جاذبيته السوقية. ![]() وأصدرت الهيئة العامة للعقار في السعودية تقريراً في عام 2024 توضح فيه كافة مخالفات البناء مع تصنيفها إلى ثلاثة أنواع: كبيرة، ومتوسطة، وصغيرة، بما في ذلك بيع العقار دون تقييمه على أيدي مسّاحين معتمدين، فضلاً عن تقديم معلومات مضلّلة من أجل الحصول على ترخيص بناء. (انقر هنا للدخول على القائمة الكاملة للمخالفات العقارية مع الغرامات) وتنخفض الأسعار السوقية للعقارات ذات المخالفات التي لم يتم تسويتها، ما يتركها أقلّ جاذبية في سوق الإسكان التنافسية. وهذا قد يكرّس مسألة الفجوات الاجتماعية والاقتصاية؛ فقد يجد أصحاب المنازل من ذوي الدخول المنخفضة أنفسهم عالقين في ظروفٍ معيشية دون المستوى، ما يعوق مقدرتهم على القيام بإصلاحات ضرورية في تلك المنازل. وبينما نستكشف تلك العلاقة بين هذين النوعين من المخالفات العقارية، فإننا نستهدف تقديم إيضاحات ورؤى كفيلة بتعزيز فهْم ديناميات السوق، فضلاً عن إثراء الأفكار والاستراتيجيات الاستثمارية العقارية، بما في ذلك التكاليف المَخفيّة لامتلاك منزل. وسواء أكنت مالك عقار محتملا، أو مستثمرا، أو صانع سياسات – فإن فهْم هذه الأساسيات الاقتصادية يعتبر أمرا ضروريا من أجل التعامل في هذا العالم المعقّد الخاص بملكية وإدارة العقارات. ولكن، قبل البدء في تقريرنا، دعونا نلقي نظرة سريعة على آخر بيانات مؤشر أسعار العقارات في الرُبع الرابع من عام 2024، مقارنة بعامَي 2023 و2022. ويقيس هذا المؤشر التغيّر النسبي في أسعار العقارات بالمملكة السعودية، والذي هو نتيجة لعمليات التسجيل والتوثيق التي تتم في وزارة العدل. وثمة متغيرات مختلفة في المعاملات العقارية: وهذه تشمل القيمة، والموقع، والمساحة، والقطاع، ونوع العقار. وقد تتغير أسعار العقارات (على اختلاف أنواعها ما بين الإسكان الفاخر إلى الإسكان المُيسّر) بناءً على الفئة الديموغرافية للمشترين وتفضيلاتهم. في الشكل أعلاه، ارتفع مؤشر أسعار العقارات من 1.1% في الربع الرابع من عام 2023 إلى 3.1% في الربع الرابع من عام 2024، ما يعكس تسارعا ملحوظا في وتيرة زيادة أسعار العقارات خلال الفترة المرصودة. ومع اطرّاد النمو السكاني والتوسّع الحضري، يرتفع الطلب على العقارات السكنية، ما يؤدي بالتبيعة إلى ارتفاع الأسعار. كما أدى التطوّر الذي شهدته عمليات التسجيل والتوثيق في وزارة العدل إلى تيسير المعاملات العقارية، ما سهّل الاستثمار في العقارات على المشترين. وربما كانت الزيادة الملموسة بنسبة تجاوزت 9% في الربع الرابع من عام 2022 مدفوعة بارتفاع الإقبال على شراء العقارات بعد جائحة كورونا؛ حيث سعى المشترون إلى الاستفادة من انخفاض أسعار الفائدة ومن الحوافز الحكومية التي تستهدف دعْم سوق الإسكان. ومع ذلك، فقد لا تستمر هذه الارتفاعات السريعة الوتيرة في الأسعار، ما قد يؤدي إلى تصحيح السوق بشكل طبيعي.
🔍 كيف تقوّض المخالفات التي لم يتم تسويتها حقوق ملكية المنازل؟ كل زيادة بنسبة 10% في مخالفات البناء التي لم يتم تسويتها تكون مصحوبة بتراجع يناهز 3.4% في أسعار مبيعات المساكن، بحسب ما كشفت دراسات أكاديمية حول اقتصاديات العقارات وتمويلها. هذا يعني أنه لدى مقارنة عقار به نسبة 20% مخالفات لم يتم تسويتها، بعقار آخر لا توجد به مخالفات لم يتم تسويتها، فسوف نلاحظ انخفاضا في أسعار مبيعات العقار الأول بنحو 6.8%. وعلى سبيل التوضيح، إذا أخذنا مثالا لعقار به 26 مخالفة لم يتم تسويتها لتوضيح مدى تأثير مثل هذه الانتهاكات بالسلب على سعر العقارات في السوق: فإذا كان هناك عقار تقدّر قيمته بنحو 2.6 مليون ريال سعودي (700 ألف دولار) وكان على هذا العقار 26 مخالفة لم يتم تسويتها، فإن أسعار المبيعات في هذا العقار ستشهد انخفاضا كبيرا. وتشير النتائج إلى أن هذا العقار قد يباع بنحو 2.3 مليون ريال (625,000 دولار)، بدلا من قيمته السوقية الكاملة، ما يعكس انخفاضا بنحو 10.7% بسبب المخالفات التي لم يتم تسويتها. وتشير الدراسة إلى أن أثر المخالفات التي لم يتم تسويتها، يكون أقوى في حالة العقارات المُيسّرة أو غير الفاخرة. فبالنسبة للمنازل التي تباع بأقل من 750 ألف ريال سعودي (200 ألف دولار)، فإن 10% من المخالفات التي لم يتم تسويتها تعني انخفاضا أكبر -قد تصل نسبته إلى 16%- في سعر مبيعات تلك المنازل. وهذا من شأنه أن يضع ضغوطا مالية كبيرة على أصحاب المنازل من ذوي الدخول المنخفضة، كما يؤكد الحاجة إلى إنفاذ أكواد (قوانين) البناء بشكل فعال، من أجل الحفاظ على قيمة العقارات وسوق الإسكان بشكل عام.
💵 المستأجرون سيدفعون أكثر تؤثر تسوية مخالفات البناء بشكل ملموس على أسعار الإيجارات. ووجدت دراسة أكاديمية أن زيادة 10% في تسوية مخالفات البناء تعني زيادة ملموسة في أسعار الإيجارات – قد تصل إلى 5.52% زيادة في الإيجار. وإذا افترضنا أن هناك عقاراً مكوناً من ست شُقق وعليه 29 مخالفة بناء لم يتم تسويتها، فإن تسوية هذه المخالفات يمكن أن يساعد مالكي هذا العقار في زيادة أسعار الإيجار من 2,812 ريال سعودي (750 دولار) في الشهر إلى حوالي 3,367 ريال (898 دولار) بعد التسوية. على النقيض من ذلك، إذا ما استمرت المخالفات قائمة دون تسوية، فقد يزيد سعر الإيجار إلى 2,902 ريال (774 دولار) فقط، قياساً على متوسط الأسعار في أحياء الطبقة المتوسطة. هذه الأرقام تؤكد أن تسوية مخالفات أكواد أو قوانين البناء لا تحسّن ظروف المعيشة للمستأجرين فقط، بل وتوجِد كذلك سيناريوهات مفيدة مالياً لمالكي العقارات؛ حيث تعطيهم مبرراً لرفع الإيجارات. ولا يزال التوسّع الحضري قائما في أنحاء السعودية، وفي ظل هذا التوسع، يزيد الإقبال على استئجار العقارات في المدن الكبرى مثل الرياض، وجدة والدمام. يوضح الشكل التالي، من منصة أرقام ماكرو، لمحة شاملة عن الوضع الحالي للإيجارات في العاصمة الرياض: يلاحَظ من الشكل أعلاه أن هناك ارتفاعا ملموساً في أسعار الإيجارات بمدينة الرياض، على سبيل المثال، في 2024 مقارنةً بالسنوات السابقة. وتناهز نسبة الزيادة 23.56% من عام 2023 إلى عام 2024، فيما ناهزت هذه النسبة 10.7% من عام 2022 إلى عام 2023. وهذا يعكس إقبالاً على الإيجارات في مدينة الرياض، مدفوعاً على الأرجح بتنامي عدد السكان، وبالتوسّع الحضري، فضلاً عن تنامي أعداد المغتربين.
🏘️ زيادة الشفافية في سوق العقارات بالسعودية عدم وجود سِجِلات مفصّلة للمخالفات العقارية في السعودية يحدّ من القدرة على تقدير حجم المشكلة بشكل شامل. ومع ذلك، فإن البيانات المتوفرة بشأن الشكاوى -والتي قد تسلّط الضوء على شكاوى محدّدة من جانب المستأجرين أو مالكي العقارات- يمكن أن تمثّل أداة هامة لقياس المشاكل الأساسية في هذه السوق. وعادة ما تعكس الشكاوى مخاوف تتعلق بالأمان، والصيانة، والامتثال لأكواد (قوانين) البناء – ما يشير بشكل أو بآخر إلى احتمال وجود مخالفات. على سبيل المثال، الهيئة العامة للعقار في السعودية تلقّت في فبراير الماضي 584 شكوى تتعلق بمخالفات عقارية في شهر واحد. ويمكن مقارنة هذا الرقم بأعلى رقم مخالفات مُسجَّل في شهر واحد قبل ذلك وهو 287 شكوى في 2021. وكما نرى، فإن الرقم يشير إلى زيادة مضاعَفة في غضون سنتين، وهذا يعكس زيادة في وعي الجمهور واستعداده للإبلاغ عن وجود مخالفات للمساهمة مع السلطات المعنية في الحفاظ وحماية الثروة العقارية. وقد تعكس هذه الزيادة في الشكاوى كذلك زيادة في عدم الرضاء بين المستأجرين ومالكي العقارات فيما يتعلق بأحوال المباني من حيث الامتثال لأكواد البناء من عدمه. وعندما يُبلغ أفراد عن مخالفات في البناء، فإن ذلك يزيد من الشفافية في سوق الإسكان. هذه الشفافية بدورِها تساعد المشترين والمستأجرين المحتملين في اتخاذ قرارات مدروسة، بما يزيد من الثقة في السوق. كما أن هذه الشكاوى بشأن المخالفات تضع ضغوطا على مالكي العقارات من أجل الحفاظ على عقاراتهم مطابقةً للمعايير. وإذا ما عوملت الشكاوى بجدية وعولجت المخالفات بشكل فعّال، فإن من شأن ذلك أن يجذب الاستثمار الأجنبي والمحلي على السواء إلى سوق الإسكان.
شراء عقارات في السعودية (أسعار 2024)
![]() 🔦
أكواد (قوانين) البناء: طريق لرفع جودة الإسكان تؤثر أكواد البناء بشكل كبير على تكاليف مشروعات الإسكان الجديدة؛ وذلك نظراً لما تفرضه تلك القوانين من الالتزام بمواصفات معينة تتعلق بطريقة التشييد أو التجديد، وهو ما يمكن أن يتمخّض عن المزيد من التكاليف المالية على المطوّرين العقاريين ومالكي العقارات على السواء. وإن كانت تلك التكاليف تؤدي في النهاية إلى مشاريع عقارية ذات جودة فائقة بنود التكاليف: 1. المواد والتقنيات: تتطلب أكواد البناء عادة الاستعانة بتقنيات في أعمال الإنشاء تلبّي معايير السلامة والجودة. على سبيل المثال، إذا تطلّب كودٌ استخدامَ مواد مقاومة للحرائق في بنايات معينة (كالارتفاعات الشاهقة)، هذا بدورِه يتطلب استخدام مواد بناء أغلى ثمناً من تلك التي قد يفضّلها المقاولون، مما يزيد بالتبعية من إجمالي تكاليف المشروع. 2. معايير الجودة: قد تتطلب الأكواد وجود تركيبات معينة (تتعلق بالسباكة مثلا أو بأجهزة كهربائية) وذلك تلبيةً لمعايير جودة أعلى من الحدّ الأدنى. على سبيل المثال، قد تتطلب الأكواد تركيب نوافذ مزدوجة الألواح لتعزيز كفاءة الطاقة، وهذا من شأنه أن يزيد من التكاليف المبدئية، لكنه على المدى الطويل يوفّر النفقات من خلال تحسين العزل. 3. وقت أطول للحصول على موافقات يمكن للوائح المنظّمة للبناء أن تطيل عملية الحصول على موافقات، وذلك بسبب الحاجة إلى القيام بفحوصات للتأكد من الامتثال للمعايير. هذا التأخير يمكن أن يتمخض عن زيادة في التكاليف بسبب طول مدة انتظار العُمّال ومُعدّات البناء، وهذه التكاليف في نهاية المطاف يتم تحميلها على كاهل مشتري العقار أو المستأجر. علاوة على ذلك، فإن عدم الاتساق أو التضارب أحياناً في المتطلبات التنظيمية بين بلدية وأخرى، قد يجبر مُطوّري العقارات على إنفاق المزيد من الوقت والموارد للوقوف على الاختلافات بين أكواد البناء في مختلف البلديات، وهو ما يعني المزيد من التكاليف. 4. ارتفاع أسعار الإسكان تؤدي أكواد البناء الحازمة إلى ارتفاع التكاليف بشكل مبالَغ فيه، ما يُسهم بدوره في ارتفاع أسعار السكن. على سبيل المثال، فإن زيادة تكاليف الإنشاء أو أعمال التجديد يمكن أن تنعكس في أسعار المبيعات السكنية؛ ذلك أنّ مطورّي العقارات يُحمّلون زيادة تكاليف البناء على كاهل المشترين والمستأجرين لتلك العقارات بأنْ يرفعوا أسعارها في السوق. ومن شأن هذا التوجّه أن يقلّل من توفُّر الإسكان الميسَّر. |
|
|
|
|
|
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2025، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة |