وعليه، سنلقي الضوء في تحليلنا على مؤثرين عالميين، نجحوا في تدشين شركات كبرى يمكن إدارجها في البورصات، وسنتناول كذلك مؤثرين واجهت شركاتهم تحديات وإخفاقات كبيرة.

تعتبر التركيبة السكانية لجمهور الشخصية المؤثرة إحدى أهم العناصر التي ينبغي مراعاتها لدى اختيار هذه الشخصية. وعادة ما يُكيّف المؤثرون ما يصنعون من محتوى وكذلك نماذج أعمالهم بحيث تلبّي احتياجات متابعيهم وتتوافق مع اهتماماتهم. ويتأتّى لهم ذلك عبر فهْم التركيبة السكانية لهؤلاء المتابعين.

ولنأخذ على سبيل المثال، كايلا إتسينز، الأسترالية التي تعتبر إحدى أكثر نجمات اللياقة البدنية تأثيراً في العالم.

وقد نجحتْ كايلا في تدشين شركة ناجحة، معتمدةً على ما تحظى به من قاعدة جماهيرية عريضة، معظمها من النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 18 و35 عاما – ممن يُبدين اهتماماً باللياقة البدنية وبأسلوب الحياة الصحيّة.



ويحظى برنامج التمارين الرياضية الذي تقدمه كايلا باسم "دليل الجسد الملائم للبكيني" بمتابعة قطاع عريض من الجماهير، ويدرّ ذلك عليها ربحاً هائلا. وقُدّرت قيمة تطبيق سويت الذي دشّنتْه كايلا رفقة زوجها طوبي بيرث لهذا الغرض بنحو 400 مليون دولار. وتقدّم كايلا في البرنامج خطة تمارين شهرية في مقابل 24.99 دولار.
 

وجرى تحميل تطبيق سويت أكثر من 30 مليون مرّة، محققاً أرباحاً تناهز قيمتها 100 مليون دولار سنويا.

مستر بيست Mr Beast
هو أكبر صانع محتوى في موقع يوتيوب على وجه هذا الكوكب، وبطبيعة الحال فإن هذه الشعبية الواسعة تُتَرجم على أرض الواقع بمبالغ كبيرة من المال.

وإلى جانب شركة فيستابلز، فإن مجموعة بيست إنداستريز هي أحد المساهمين في العلامة التجارية "لانشلي" للوجبات الخفيفة، كما أنها المالكة لشركة فيوستاتس للبرمجيات، والتي تبيع أدوات رقمية لصُنّاع المحتوى.
 

 

"رير بيوتي" تحقق 2 مليار دولار في أربع سنوات فقط

تحوّلت الممثلة والمغنية الأمريكية سيلينا غوميز من نجمة في مجال الترفيه إلى سيدة أعمال ناجحة بتأسيس شركة رير بيوتي لمستحضرات التجميل، في عام 2020. وفي عام 2025، أصبحت سيلينا أكثر امرأة تحظى بمتابعين على إنستجرام حول العالم.

وقدّمت سيلينا محتوى ملهماً وعلى صلة بالموضوع؛ ملقيةً الضوء على منتجات التجميل، بينما شاركتْ متابعيها رحلتها مع الجمال وقبول الذات.

وبالتركيز على التوعية بالصحة النفسية بشكل شامل، صاغت سيلينا غوميز علامة تجارية لاقتْ صدى عميقاً لدى المستهلكين، مع التأكيد على حُب الذات بطريقة إبداعية.


 

بعد أن تعرّضنا لنماذج أعمال تجارية ناجحة اضطلعتْ بها شخصيات مؤثرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، نرى أن نتعرّض كذلك لنماذج واجهت إخفاقات كبيرة جرّاء توليفة من العوامل، بينها السُمعة المثيرة للجدل، وسوء الإدارة وتشبّع السوق.

لوغان بول، يوتيوبر ومؤثر شهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، اكتسب شهرته من مدوّنات الفيديو وما يقدمه من محتوى ساخر.
 

ودشّن بول علامة تجارية في قطاع الملابس تحمل اسمه، كما حاول تدشين مشروب الطاقة برايم هايدريشن.

لكنّ مشروعات بول لم تلقَ النجاح المأمول. 



قبل أي شيء، واجهت بعض أصناف البضائع انتقاداً بسبب تدنّي الجودة، ما أثّر بالسلب على ثقة المستهلك وعلى تكرار المبيعات.

وفي عام 2018، أثار لوغان بول غضباً، عندما نشر مقطع فيديو يصوّر جثمانا لشخص كان فيما يبدو منتحراً في اليابان، مما تسبب في ضرر بالغ لسمعة بول. وقد قلّل ذلك بالتبعية من تقدير علامته التجارية، على نحو ترك المستهلكين مترددين على صعيد دعم أعماله التجارية.

وفي عام 2023، واجه لوغان بول اتهاما قضائيا بتضليل المستثمرين بخصوص مشروع اسمه كريبتوزو، حيث روّج بول لعملات رقمية ورموز غير قابلة للاستبدال، ليتكبّد مستثمرون خسائر مالية.

وواجه لوغان بول اتهاماً بأنه احتال على المستثمرين وتخلّى عنهم بعد أن باع لهم سلعاً رقمية لا قيمة لها، مستغلاً ما يحظى به من شهرة وتأثير عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
 

📈
المؤثرون والأداء المالي للشركات
تصحيح السعر

نختتم تحليلنا بإلقاء الضوء على دراسة نُشرت في وقت سابق من العام الجاري عبر المعهد المصرفي الدولي ومركز الدراسات المتقدمة بكلية إدارة الأعمال في جامعة ليدز.

 وكان عنوان الدراسة هو أثر مؤثري التواصل الاجتماعي على الأداء المالي للشركات.

وتناولت الدراسة آثار المنشورات الإيجابية للمؤثرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي على الأداء المالي للشركات في الأسواق.

وحلّلت الدراسة عددا كبيرا من منشورات المؤثرين عبر منصة إنستجرام، وتتبّعت أثر تلك المنشورات على اهتمام المستثمرين، وعلى حجم التداول وتقلبات السوق.

ووجدتْ الدراسة أن أيّ ارتفاع في السعر ناتجٍ عن منشورات إيجابية لمؤثرين فهو لا يعكس تغيرات مستدامة في القيمة الأساسية، وغالباً ما يعاود الانخفاض بوتيرة سريعة بمجرد أن يعيد المستثمرون تقييم الأداء الاقتصادي الأساسي للشركة.

وعليه، فإذا لم يحتوِ المنشور على معلومة جديدة (واكتفى فقط بالشعور الإيجابي)، يبدأ المستثمرون - الذين اشتروا بناء على الإثارة والتشجيع بسبب منشور المؤثّر -  في البيع عندما تستقرّ الأسعار أو تنخفض، ما يؤدي إلى تصحيح السعر. لكنّ هذا عكْس ما يقوله منشور لأحد المؤثرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي ممن لديهم خبرة واسعة في استراتيجيات الاستثمار وعلوم الاقتصاد.
 

لنأخذ مثلا، الملياردير الأمريكي
كارل إيكان

ويتمثل نموذج عمل إيكان في الاستحواذ على حصص كبيرة في الشركات التي يعتقد أنها ستستفيد من تغييرات على صعيد سياسة تلك الشركات.

بعد ذلك، يضغط إيكان على الإدارة لعمل التغييرات التي يعتقد أنها ستصب في مصلحته هو والمساهمين. ويعدّ كارل إيكان من المليارديرات، ويحظى بتقدير في عالم المال والاستثمار، لا سيما فيما يتعلق باستراتيجياته الخاصة بالاستثمار.

وعندما يُعبّر شخص في مكانة كارل إيكان عن رأي داعمٍ لشركة ما، فإن هذه الشركة تستولي على اهتمام المستثمرين أفراداً ومؤسسات.
 

وفي 13 أبريل سنة 2013، شارك كارل إيكان منشوراً عبر منصة تويتر، قال فيه إن شركة أبل مقوّمة بأقل من قيمتها الحقيقية. وبعد ثوان معدودة، قفز سهم أبل، ولم تكد تمضي دقائق حتى أضافت الشركة 17 مليار دولار إلى قيمتها السوقية.



عادة ما يعتمد المستثمرون على رؤى شخصيات مؤثرة من أمثال كارل إيكان كمؤشر على القيمة المحتملة. وقد دفع بيان إيكان حول بخْس قيمة أبل الكثيرين من المستثمرين إلى إعادة تقييم تصوراتهم للصحة المالية للشركة وتوقعاتهم بشأن أدائها المالي.

وثمة عامل نفسيّ في هذه النقطة، لا سيما ما يُسمى بالتقليد وتأثير القطيع؛ حيث يبدأ المزيد من المستثمرين في شراء الأسهم، ما يترتب عليه ارتفاع السعر.

وختاماً، يمثّل الاستثمار القائم على رؤى المؤثرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي فُرصاً عظيمة بسبب ما يحظى به هؤلاء المؤثرون من نفوذ.

لكن هذه الاستثمارات تنطوي على مخاطر في الوقت ذاته؛ فقد يكون التأثير عابراً.

ودائما ما يُنصَح باستشارة الخبراء في أوقات الشك، والاستعانة برؤاهم في قراءة المشاهد الاستثمارية المعقدة.