الأسبوع السابع والعشرون > "الدَين الشبح".. خطر يصاحب خدمات "الشراء الآن والدفع لاحقا"





 

"الدَين الشبح".. خطر يصاحب خدمات "الشراء الآن والدفع لاحقا"
 

تشهد خدمات الشراء الآن والدفع لاحقاً (بي إن بيه إل) رواجاً وإقبالا واسعاً في المملكة العربية السعودية، وفي ضوء ذلك نلفت انتباه قُرائنا لما يُعرف بـ "الدين الشبح".
 
⁉️
ما هو الدين الشبح؟ 
 
قد يعزو البعض هذا التغيّر في نمط التسوّق في المملكة السعودية إلى مزايا خدمات (الشراء الآن والدفع لاحقا) كأداة من أدوات التكنولوجيا المالية.

ومن هذه المزايا: قدرة المستهلك على القيام بعمليات شراء فورية، مع ترحيل سداد قيمة تلك العمليات على أقساط بمعدّل فائدة منخفض أو بلا فائدة على الإطلاق.

 
لكن ما هي عوامل الاقتصاد الكلي التي تكمن وراء رواج خدمات الشراء الآن والدفع لاحقا؟
 
أيضاً، في هذا العدد الأسبوعي من أرقام، نلقي الضوء على: 
 
● رواج خدمات الشراء الآن والدفع لاحقا في المملكة السعودية موضحاً بالإنفوجرافيكس
● كيف تحقق الشركات التي تقدّم خدمات الشراء الآن والدفع لاحقا مكاسب؟
● كيف تشكّل خدمات الشراء الآن والدفع لاحقا تهديدا حقيقيا للبطاقات الائتمانية؟ 
● وأخيراً، نسلط الضوء على ثلاثة مخاطر رئيسية للاستخدام الاعتيادي وغير المسؤول لخدمات الشراء الآن والدفع لاحقا.


 
👻
مفهوم الدين الشبح المصاحب لخدمات الشراء الآن والدفع لاحقا

بنود مخفيّة: الشركات التي تقدّم خدمات الشراء الآن والدفع لاحقاً عادة ما تروّج لنفسها على أنها ببساطة عبارة عن منصّات تقدّم للمستهلك خيارات سداد بلا فائدة.

لكن البنود والشروط التي تكتنف هذه العملية يمكن أنْ توصَف بأنها معقدة، لا سيما فيما يتعلق بالرسوم المخفيّة في حالات التأخر في السداد أو عدم القدرة على سدّ الأقساط.

وربما لا يدرك المستهلكون بشكل وافٍ الآثار المترتبة على تلك البنود، ما قد يؤدي إلى التزامات مالية لم تكن في الحسبان وقد تتفاقم مع الزمن.
 

الافتقار إلى الشفافية: العديد من شركات الشراء الآن والدفع لاحقا لا توفّر معلومات واضحة بشأن التكلفة الإجمالية لعملية الاقتراض، بما في ذلك الرسوم المحتملة ومعدلات الفائدة على آجال السداد الممتدة.

هذا الافتقار إلى الشفافية يمكن أن يترك المستهلك فريسة للإفراط في الاستدانة، دون أن يحسب حساباً للآثار المالية المترتبة على عمليات الشراء التي يقوم بها.


الإفراط في استخدام الائتمان: خدمات الشراء الآن والدفع لاحقا يمكن أن تُغري المستهلك على القيام بعمليات شراء ليس في إمكانه تسديد تكلفتها فوراً، وذلك عبر إتاحة خيار التقسيط على آجال ممتدة.

هذا بدورِه يمكن أن يخلق حلقة مفرغة من الدين؛ حيث يتمادى المستهلك في عمليات الشراء من متاجر تجزئة مختلفة، فتنتهي به الحال إلى ديون متراكمة قد تتعذّر إدارتها.
  
💳
خدمات الشراء الآن والدفع لاحقا وعوامل الاقتصاد الكلي
1- التضخم
● علاقته بخدمات الشراء الآن والدفع لاحقا: مع ارتفاع معدلات التضخم، قد يجد المستهلكون أن القدرة الشرائية لمداخيلهم لم تعُد كما كانت، ما قد يدفعهم إلى الاقتصاد في النفقات.

● أثره على اللجوء لخدمات الشراء الآن والدفع لاحقا: في أوقات ارتفاع معدلات التضخم، ربما يلجأ مستهلكون إلى خدمات الشراء الآن والدفع لاحقا للقيام بعمليات التسوّق في ظل محدودية ميزانيتهم.

2- البطالة
● علاقتها بخدمات الشراء الآن والدفع لاحقا: ارتفاع معدلات البطالة يمكن أن يؤدي إلى تآكل ثقة المستهلك وتراجُع القدرة الشرائية أو القدرة على الإنفاق.

● أثرها على اللجوء لخدمات الشراء الآن والدفع لاحقا: مع ارتفاع معدلات البطالة، قد يتناقص الدخل المتاح للإنفاق لدى الأفراد ما قد يدفعهم إلى اللجوء لخدمات الشراء الآن والدفع لاحقا للقيام بعمليات شراء لم يعُد بإمكانهم سداد قيمتها فوراً. وهذا قد يؤدي إلى رواج خدمات الشراء الآن والدفع لاحقا بين العاطلين عن العمل أو بين العاملين من ذوي الدخول المنخفضة.

3- ديون الأُسر
● علاقتها بخدمات الشراء الآن والدفع لاحقا: ارتفاع مستويات ديون الأُسر يمكن أن يؤدي إلى الحدّ من استخدام خيارات الائتمان التقليدية.

● أثرها على اللجوء لخدمات الشراء الآن والدفع لاحقا: ارتفاع ديون الأُسر على المستهلكين يمكن أن يخفض درجات ائتمانهم ما يتركهم يواجهون تحديات إذا ما أرادوا الحصول على قروض أو على بطاقات ائتمانية. وعادة، لا تطلب منصّات الشراء الآن والدفع لاحقا كشفاً بالوضع الائتماني لمن يُقبل على استخدامها، ما يجعلها مغرية في عيون الأسر التي تعاني مديونيات مرتفعة.

4- نمو الناتج المحلي الإجمالي
● العلاقة بخدمات الشراء الآن والدفع لاحقا: النمو القوي للناتج المحلي الإجمالي عادة ما يشير إلى اقتصاد صحيّ؛ حيث الدخول مرتفعة وكذلك ثقة المستهلكين مرتفعة.

● أثر ذلك على اللجوء لخدمات الشراء الآن والدفع لاحقا: في ظل تنامي الاقتصاد، قد يشعر المستهلكون بمزيد من الثقة في أوضاعهم المالية، وقد يغريهم ذلك على التوسع في الإقبال على خدمات الشراء الآن والدفع لاحقا، ويكون ذلك أحياناً على سبيل الاستسهال أكثر من الضرورة. والعكس صحيح في حالات بُطء أو تراجُع نموّ الناتج المحلي الإجمالي؛ حيث قد يعتمد المستهلكون على خدمات الشراء الآن والدفع لاحقاً على سبيل التكيّف مع الاقتصاد في النفقات نظراً لمحدودية ميزانيتهم.


 
⚠️
كيف تشكّل خدمات الشراء الآن والدفع لاحقا تهديدا للبطاقات الائتمانية؟

تسويق موجَّه وشراكات: تروّج متاجر تجزئة عديدة لخيارات الانتفاع بخدمات الشراء الآن والدفع لاحقا، عند سداد قيمة المشتريات، ما قد يؤدي إلى الإقبال على استخدام تلك الخدمات بدلا من استخدام بطاقات الدفع التقليدية.

على سبيل المثال،
كلارنا (شركة تكنولوجيا مالية سويدية) دخلت في شراكة مع متاجر تجزئة كبرى مثل سلسلة إتش آند إم وسلسلة سيفورا، ما يسمح للمستهلكين بالانتفاع بخدمات الشراء الآن والدفع لاحقا عند القيام بعملية السداد. هذه السهولة في الاستخدام قد تُغري الزبائن على اختيار خدمات الشراء الآن والدفع لاحقا بدلا من استخدام بطاقاتهم الائتمانية التقليدية.

فئات ديموجرافية بعينها: فئة المستهلكين الأصغر سناً، لا سيما من جيل الألفية (مواليد الفترة ما بين 1981 وحتى منتصف التسعينيات) وجيل زد (مواليد الفترة ما بين منتصف التسعينيات وحتى عام 2012)، هم الأكثر ميلاً إلى الانتفاع بخدمات الشراء الآن والدفع لاحقا.

وبحسب مسح أجراه موقع كريديت كارما في الولايات المتحدة، فإن 60% من عيّنة المسح والذين تراوحت أعمارهم بين 18 إلى 29 عاما قد لجأوا إلى خدمات الشراء الآن والدفع لاحقا، ما يشير بشكل واضح إلى تفضيل هذه الطريقة في الدفع على استخدام البطاقات الائتمانية التقليدية.

هذا التحوّل الديموجرافي يعدّ من الأهمية بمكان؛ حيث يشير إلى توجُّه طويل المدى بعيداً عن استخدام البطاقات الائتمانية التقليدية.

📈
كيف تحقق شركات الشراء الآن والدفع لاحقا مكاسب؟

رسوم تجارية: شركات الشراء الآن والدفع لاحقا عادة ما تفرض رسماً على متاجر التجزئة مقابل تقديم خدماتها الخاصة بالدفع.

هذا الرسم عادة ما يكون عبارة عن نسبة مئوية من قيمة المعاملة المالية، وهو ما يمكن أن يكون أكثر جذبا للشركات التجارية مقارنة بالرسوم المصاحبة لاستخدام البطاقات الائتمانية التقليدية.

تسييل البيانات: شركات الشراء الآن والدفع لاحقا تُحصّل بيانات قيّمة عن المستهلكين الذين يلجأون إلى خدمات تلك الشركات.

هذه البيانات المجمّعة يمكن استخدامها في عمليات التسويق الموجَّه والشراكات. ويمكن لهذه البيانات أن تُسهم في تحسين عروض هذه الشركات، كما أنه يمكن تسييل تلك البيانات من خلال الدخول في شراكات مع مؤسسات تجارية أخرى.

تقليص معدلات ترْك سلّة التسوق: عبر تيسير عمليات شراء ذوات قيمة مرتفعة، وعبر تقليص معدلات ترْك سلّة التسوق، يمكن لخدمات الشراء الآن والدفع لاحقا أن تُسهم في ارتفاع حجم المبيعات لدى الشركات التجارية.

وهذا بدورِه يمكن أن يوجِد بيئة أكثر ربحية لشركات الشراء الآن والدفع لاحقا؛ نظراً لأن هذا الشركات تتربّح من النمو الإجمالي في حجم المعاملات المالية.

معدلات ترْك سلّة التسوق: مصطلح يشير إلى النسبة المئوية للمتسوقين عبر الإنترنت الذين يقومون بإضافة بنود إلى سلّة التسوّق لكنهم لا يتمّمون عمليات الشراء. ويمكن اعتبار معدلات ترْك سلّة التسوق مقياسا هاماً بالنسبة لشركات التجارة الإلكترونية؛ حيث تشير هذه المعدلات إلى فُرص مبيعات ضائعة.

 
⚠️
مخاطر تكتنف اللجوء لخدمات الشراء الآن والدفع لاحقا:

الاعتياد على الاستخدام: عادة ما يؤدي ذلك إلى ما يُعرف بالإنفاق الإضافي الذي يمكن أن يفوق قدرة المستخدمين المالية.

هذه السهولة في الاستخدام، فضلاً عن عدم وجود فوائد على الأقساط، يمكن أن تغري المستهلكين على الإنفاق فوق ما اعتادوا.

تكديس القروض: عندما يقترض المستهلك من عدد من شركات الشراء الآن والدفع لاحقا، في وقت واحد. وبذلك قد يجد المستهلك نفسه وقد تراكمت عليه الديون بشكل يتعذّر إدارته. وهذا بدورِه قد يتمخض عن تعثّر ماليّ وصعوبات في الوفاء بالتزامات مالية أخرى.

الافتقار إلى إفصاحات معيارية: العديد من شركات الشراء الآن والدفع لاحقا لا تقدم إفصاحات معيارية لتكلفة الائتمان، رغم أن هذه الإفصاحات هامة للمستهلكين لكي يتخذوا على ضوئها قرارات الشراء.

معدلات فائدة كبيرة ومُبالغ فيها: قروض الشراء الآن والدفع لاحقا عادة ما يتم الترويج لها على أنها أقساط بلا فوائد. لكن الواقع، أن رسوم التأخُّر في سداد الأقساط يمكن أن تكون رسوما كبيرة القيمة، كما يمكن أن ترتفع معدلات الفائدة في حال التخلف عن سداد الأقساط.

وقد تلجأ بعض شركات الشراء الآن والدفع لاحقا إلى فرض رسوم في حال تأخّر سداد الأقساط، بما قد يؤدي إلى زيادة التكلفة الإجمالية على المستهلكين.

عامل درجة الائتمان: شركات الشراء الآن والدفع لاحقاً لا تُفصح عادة عن بيانات الدَين للجهات المنظِّمة للبطاقات الائتمانية، ما يعني أنّ سداد الأقساط في مواعيدها لا ينعكس بالإيجاب على الدرجة الائتمانية للمستخدمين، لكنْ في المقابل، يمكن أن ينعكس التخلف عن سداد الأقساط بالسلب على الدرجة الائتمانية للمستثمرين.




أقرأ أيضــــاً
الصيرفة المفتوحة.. السعودية تُحدث خدمات الدفع وتُجابه تشتت السوق

ترسي المملكة العربية السعودية  قواعد جديدة لتحديث خدمات وأنظمة الدفع لمواكبة التكنولوجيا المالية العالمية، ومن بينها الصيرفة المفتوحة وما تشتمل عليه من مزايا، كانخفاض رسوم المعاملات المالية، وإنجاز المدفوعات بوتيرة سريعة للغاية، وجعل المعاملات المالية أكثر أمانا.
 
استكشف المزيد
لماذا الرياض؟.. دراسة تحليلية من أرقام ماكرو لافتتاح المترو في العاصمة

تُبرز أرقام ويك اند هذا الأسبوع تحليلا مفصلا ومعمقا من منصة أرقام ماكرو عن أبرز النقاط التي جعلت الرياض تحظى بأول مترو في المملكة العربية السعودية.
 
استكشف الدراسة
استحواذ stc على تليفونيكا، لماذا؟

في إطار استراتيجية نشرة ويك أند لتغطية الأحداث المهمة ذات الصلة بالسوق السعودي، نسلط الضوء اليوم على شركة تيليفونيكا الإسبانية، إحدى أكبر شركات الاتصالات في أوروبا، والتي استحوذت شركة الاتصالات السعودية stc على حصة 9.9% من أسهمها مؤخرا. 
استكشف المزيد
Facebook
Twitter
LinkedIn
Instagram
YouTube
حمل تطبيقاتنا
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2025، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة