|
|
اتخذت المملكة العربية السعودية خطوات عملية على صعيد امتلاك وتشغيل كوكبة من الأقمار الصناعية التي تعمل في المدار الأرضي المنخفض، وذلك عبر مجموعة نيو للفضاء والمدعومة من صندوق الاستثمارات العامة السعودي. وفي هذا العدد من أرقام، نلقي الضوء على الإمكانات والفُرص التي يمكن أن يقدّمها مثل هذا الاقتصاد، الذي يعتمد على تقنيات الفضاء، لثلاثة قطاعات حيوية في المملكة هي:
وتتطلع السعودية إلى امتلاك شركة تجارية متخصصة في إطلاق أقمار صناعية تعمل في المدار الأرضي المنخفض، بما يمثّل رافداً جديدا من روافد الدخل القومي مدفوعاً بقطاعات مثل السياحة الفضائية وشركات الاتصالات، حيث تساعد الأقمار الصناعية التي تعمل في المدار الأرضي المنخفض في نقل البيانات بوتيرة أسرع وفي دعم توسع شبكات الاتصالات، بما في ذلك شبكة الجيل الخامس. وبالفعل، في وقت سابق من العام الجاري، بدأت عدة مؤسسات سعودية رائدة في إجراء محادثات مع شركات دولية متخصصة في البنية التحتية الفضائية، مثل شركة أكسيوم سبيس وشركة أيرباص ون ويب ساتالايتس للاستفادة من إمكانات الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض. وتعمل الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض من ارتفاع يتراوح بين 160 إلى 2000 كيلومتر عن سطح الأرض. وهي قريبة، مقارنة بالأقمار الصناعية التقليدية التي تكون على ارتفاع 36 ألف كيلومتر تقريبا من سطح الأرض. ونظراً لهذا القرب من الأرض، تستطيع تلك الأقمار الصناعية أن تنقل البيانات بوتيرة أسرع وأن تنافس كابلات الألياف الضوئية أو شبكات أبراج الاتصالات الخلوية والتي لا تستطيع أيّ منهما الوصول إلى مناطق نائية أو معزولة. وطبقاً لمؤسسة 6 دبليو ريسيرش، من المتوقع أن تشهد سوق الأقمار الصناعية التي تعمل في المدار الأرضي المنخفض في الشرق الأوسط نمواً خلال الفترة ما بين 2024 إلى 2030 بنسبة تناهز 3.1%. وبحسب توقعات شركة ماكنزي للاستشارات، فإن اقتصاد الفضاء عالمياً ستزيد قيمته بمقدار ثلاثة أضعاف، وصولاً إلى 1.8 تريليون دولار بحلول عام 2035، بمعدّل نمو يوازي ضِعف معدّل نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وفي هذا العدد الأسبوعي من أرقام، نجيب عن السؤال التالي:
كيف يمكن لقطاعات النفط/الغاز والتعدين والزراعة في المملكة السعودية أن تستفيد من اقتصاد الفضاء؟ ![]()
قطاع النفط والغاز صور أقمار صناعية عالية الدقة: عبر استخدام هذه الصور، يمكن لشركات النفط متابعة البنية التحتية وخطوط الأنابيب والمرافق. ويمكن باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي تحليل بيانات هذه الصور، لرصد أي تغييرات طارئة على البنية التحتية أو على الظروف البيئية، بما يمكن أن يساعد في التنبؤ بالحاجة إلى القيام بأعمال صيانة ضرورية، فضلاً عن تيسير عملية إدارة المخاطر بشكل استباقي. التحليل الجيومكاني (تحليل البيانات الجغرافية المكانية): تستطيع الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض أن توفر بيانات جغرافية مكانية، والتي يمكن بدورِها أن تساعد في تحليل الخصائص الجيولوجية لمواقع الحفر المحتملة. هذه البيانات يمكن استخدامها في عمل نماذج تفصيلية يمكن أن تتوقع وجود رواسب نفطية. أيضا، يمكن استخدام هذه البيانات في التوصّل إلى تكوينات جيولوجية، فضلاً عن احتياطات نفطية. هذه القدرة على الاستشعار عن بُعد تساعد في تحديد مناطق الاستكشاف بشكل أفضل. رصد غازات الدفيئة: خوارزميات الذكاء الاصطناعي يتم توظيفها لتحليل البيانات التي تشتمل عليها صور الأقمار الصناعية، من أجل مراقبة واكتشاف مصادر انبعاثات غازات الدفيئة. هذا التطبيق يستهدف تعزيز قدرة شركات النفط على اقتفاء أثر الانبعاثات بشكل أكثر دقة وتفصيلا، بما يسهم في جهود الاستدامة البيئية. تعزيز نقل البيانات: التكامل بين قدرة الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض على نقل البيانات بوتيرة سريعة، وبين تقنيات الذكاء الاصطناعي من شأنه أن يفتح الباب أمام قدرات جديدة لشركات النفط والغاز. من بين هذه القدرات: تطوير عمليات المسح الجيولوجي، وسرعة الاستجابة في حالات الطوارئ، فضلاً عن التمكين من اتخاذ قرارات أكثر ذكاءً، وبوتيرة أسرع، في سياقات تشغيلية متنوعة. المتابعة الآنيّة: عبر التكامل بين الذكاء الاصطناعي وبينات الأقمار الصناعية، تستطيع شركات النفط والغاز أن تحسّن متابعتها اللحظية لأصولها وعملياتها التشغيلية. هذا التكامل، سيمكّن الشركة من الاستجابة بطريقة أكثر فعالية في حال أيّ تحديات تشغيلية، فضلاً عن تعزيز الكفاءة الميدانية. ![]()
⚒️
قطاع التعدين تصوير عالي الدقة: الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض تستطيع التقاط صور عالية الدقة لسطح الأرض، بما يمكّن الجيولوجيين من اكتشاف تكوينات جيولوجية ورواسب معدنية، فضلا عن مواقع تعدين محتملة. هذه الصور يمكن الاستعانة بها في عمل خرائط تفصيلية، يمكن بدورها أن تساعد في أعمال الاستكشاف. التكامل مع تقنية المسيّرات: الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض يمكن استخدامها في دعم الأجهزة التي تُستخدم في أعمال الاستكشاف، مثل المسيّرات (الطائرات بدون طيار) وأجهزة الاستشعار الآلية. هذه الأجهزة بإمكانها جمع بيانات من مواقع نائية ونقل تلك البيانات مرة أخرى إلى أنظمة مركزية من أجل تحليلها، بما يعزز كفاءة وفعالية جهود الاستكشاف دون الحاجة إلى المسوحات الأرضية مرتفعة التكاليف. هذه المميزات تزيد من جدوى استخدام الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض بالنسبة للشركات، لا سيما في أعمال الاستكشاف في مناطق يصعب الوصول إليها.
🌿
القطاع الزراعي
الجمع الآني للبيانات وتحليلها: الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض تساعد في الجمع الآني لبيانات عدد من العوامل المختلفة التي تؤثر على الزراعة، كأحوال الطقس، ورطوبة التربة، وصحة المحصول. هذه المعلومات تعين المزارعين على اتخاذ قرارات مدروسة، وعلى ترشيد استخدام الموارد، وعلى الاستجابة السريعة في حال أي تغيّرات. الزراعة الدقيقة: إمكانات الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض تساعد في تعزيز مهارات ما يُعرف بـ الزراعة الدقيقة، والتي تتضمن استخدام بيانات وتقنيات لإدارة المحاصيل والموارد بشكل أكثر فعالية. هذه المهارات تؤدي بدورها إلى زيادة المحاصيل وتقليص الهدر وخفض النفقات، عبر تمكين المزارعين من استخدام مُدخلات (كالمياه والمخصّبات) بشكل أكثر دِقّة. الاستشعار عن بُعد: الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض مجهّزة بمجسات متطورة يمكن أن تقوم بالاستشعار عن بُعد لمراقبة أحوال المحاصيل ورصد المشاكل التي قد تظهر، مثل الآفات أو نقص العناصر الغذائية. هذه الإمكانات تعين على التدخل في الوقت المناسب وعلى تحسين الممارسات الزراعية. خفض التكلفة: عبر إتاحة الترابط دون الحاجة إلى بنية تحتية شاسعة على اتساع الأرض، تُسهم الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض في تقليص النفقات المصاحبة لتطبيق التقنيات الرقمية في الزراعة. الاستدامة ومراقبة البيئة: الأقمار الصناعية في المدار الأرضي المنخفض يمكن أن تساعد المزارعين على تبنّي ممارسات أكثر استدامة، عبر تمكينهم من تحسين إدارة الموارد ومراقبة الآثار البيئية. ويتضمن ذلك ترشيد استخدام المياه، والحدّ من استخدام المدخلات الكيماوية، وغيرها من الممارسات الكفيلة بنتائج بيئية أفضل. ![]() |
|
|
|
|
|
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2024، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة |