الأسبوع التاسع عشر > الاقتصاد السعودي وترامب: السياسات المحتملة





 

الاقتصاد السعودي وترامب: السياسات المحتملة
 

حرب فرض الرسوم الجمركية المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين، واحتمالات خفض الولايات المتحدة لقيمة الدولار بعد إعلان ترامب فوزه، والسياسة النفطية المتوقعة للولايات المتحدة في الحقبة الجمهورية الجديدة، هي من بين أبرز الأمور التي نرصدها من منظور اقتصاد الممكلة العربية السعودية.

فيمكن للمملكة الاستفادة من حرب الرسوم الجمركية المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين، من خلال استبدال بعض السلع التي يفرض البلدان مزيداً من الرسوم الضريبية عليها، في إطار المنافسة المحتدمة بينهما، وذلك عبر التصدير لكلا البلدين.

وفي تحليلنا لمواطن القوة والترقب الحذر للنهج الذي سيتبعه ترامب، وبالطبع من سيحظى بأغلبية في مجلس النواب الجديد (الكونجرس)، والانتخابات الجزئية في مجلس الشيوخ التي حُسمت أيضا للحزب الجمهوري، وجدنا أن فوز ترامب قد يشكل تحديا للسياسة النفطية في الدول الكبرى المصدرة للنفط، وعلى رأسها السعودية، في حين أن فوز هاريس كان من المتوقع أن يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي الأمريكي تدريجيا، بسبب تعهدها برفع الضرائب على الشركات على وجه الخصوص.

وفي شأن آخر في تحليل
أرقام ويك إند، وجدنا كذلك أن الخفض المتعمد لقيمة العملة الأمريكية  كما نوه ترمب في حملته الانتخابية سيؤدي تباعا إلى خفض في نفقات الواردات السعودية المقومة بالدولار.

 

ومع ذلك، قد يكون لفوز ترامب أيضا تأثير على المنتجات المحلية السعودية، التي ستصبح أمام منافسة مع السلع الأمريكية المستوردة، في حال إقدام ترامب على تنفيذ سياسة تخفيض قيمة العملة كما تفعل الصين. فمن خلال تخفيض قيمة عملتها، إذا تم بالفعل وفقا لما قاله ترمب أثناء حملته، تهدف واشنطن بذلك إلى تعزيز صادراتها إلى الخارج، من خلال تمكين الأسواق الخارجية من استيراد مزيد من السلع من الأسواق الأمريكية، مما يجعل الولايات المتحدة أكثر تنافسية في السوق العالمية.

وتعد المملكة العربية السعودية 🇸🇦 أحد أكبر المستثمرين في سوق السندات الأمريكية. وقد تحقق السندات الحالية التي تشتريها المملكة أرباحا أكثر أو أقل تبعاً لأسعار الفائدة التي سيقررها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشكل مستقل بغض النظر عن فوز ترامب. ولكن هناك مخاوف في الأسواق العالمية من تبني الرئيس الجمهوري سياسة نقدية مُسيّسة تتمثل في التدخل في قرارات
خفض أو رفع الفائدة.


 
🚀
فرصة للمملكة العربية السعودية

هناك فرص كبيرة أمام المملكة لعقد صفقات استثمارية استراتيجية مع الصين لإنتاج أحد أهم واراداتها الحيوية، على سبيل المثال لا الحصر، والتي تأثرت بالحرب التجارية بين واشنطن وبكين؛ وهي الدوائر الإلكترونية المتكاملة (الرقائق المتطورة) التي تعتمد عليها الصين بشكل كبير في صناعة الأجهزة الإلكترونية.

وتشير البيانات إلى أن الصين تستورد تلك الدوائر الالكترونية المتكاملة أكثر من استيرادها النفط الخام، وقد تراجعت الكميات المعروضة من هذه السلعة للاستيراد من الولايات المتحدة بشكل حاد، بسبب الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على تلك الصادرات إلى الصين، وهو ما دفع الصين أيضا إلى فرض رسوم إضافية على صادراتها إلى الولايات المتحدة. وقد اشتعلت هذه الحرب التجارية بين البلدين منذ عام 2018، ومن المرجح أن تزيد حدتها في أعقاب فوز ترامب.

فعلى سبيل المثال، في عام 2023، استوردت الصين ما قيمته 349.4 مليار دولار من الدوائر الالكترونية المتكاملة (الرقائق الإلكترونية المتطورة)، لأنها لم تكن قادرة على شراء تلك الرقائق المتطورة، مثل اتش 100، التي تنتجها شركة إنفيديا الأمريكية، وذلك بسبب القيود الأمريكية المفروضة على تصدير هذه المنتجات إلى الصين. وتدخل هذه الرقائق المتطورة، أو ما يعرف أيضا بأشباه الموصلات، في تقنيات الذكاء الاصطناعي.

ويأتي في طليعة مساعي المملكة العربية السعودية في مجال أشباه الموصلات مشروع شركة آلات الذي تبلغ تكلفته 100 مليار دولار أمريكي، والذي قد أشرنا إليه في عدد سابق من
أرقام ويك اند، ويتبع صندوق الثروة السيادي في المملكة. ويهدف هذا المشروع العملاق إلى تلبية الطلب المحلي المتزايد، وتعزيز مكانة المملكة كمركز عالمي للابتكار والإنتاج في مجال أشباه الموصلات.  

 

من ناحية أخرى، يمكن للمملكة العربية السعودية أيضا الاستفادة من هذه الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، وذلك من خلال تركيز المملكة على بعض السلع التي كانت تستوردها الولايات المتحدة من الصين. ففي عام 2023، على سبيل المثال، استوردت الولايات المتحدة ما قيمته 20.29 مليار دولار من قطع الأثاث، ولافتات الإضاءة، ومكونات المباني الجاهزة من الصين.

 

السياسة النفطية الأمريكية
 
لقد توصل بحثنا بعد رصد أموال التبرعات التي جمعتها الحملات الانتخابية لكل من دونالد ترامب وكامالا هاريس، إلى رقمين مهمين يكشفان الكثير عن سبب دعم صناعة النفط الأمريكية لحملة ترمب قبل فوزه.

إذ قدم المتبرعون الذين يعملون في صناعة النفط 700 ألف دولار فقط لحملة الديمقراطيين، مقارنة بما يقرب من 8 ملايين دولار قدمها المتبرعون لحملة ترامب.

فقد تعهد ترامب بوضوح أنه سيقدم في يومه الأول في منصبه حوافز لشركات النفط الأمريكية للحصول على حقوق حفر جديدة في خليج المكسيك لإنتاج المزيد من النفط والتنقيب عنه والغاز، على عكس إدارة الديمقراطيين التي تحرص على تعزيز الطاقة المتجددة في البلاد، وتقييد عمليات حفر الحقول النفطية. وقد جعلت هذه السياسة أصحاب التبرعات من داخل صناعة النفط حريصين على فوز ترامب بالرئاسة.

 

 

ترامب وسعر الفائدة

كما أن خطط ترامب للسياسة النقدية تشكل تحديا ماليا. فوفقا لتقارير إعلامية أمريكية، يريد ترامب أن يتدخل بشكل مباشر في قرارات تحديد أسعار الفائدة، على الرغم من استقلالية الفيدرالي الأميركي المعروفة منذ عقود طويلة.

وبالنسبة للمستثمرين في سوق السندات، فإن
ارتفاع أسعار الفائدة يعني ارتفاع أسعار السندات الجديدة، وانخفاض قيمة السندات القائمة. أما أسعار الفائدة المنخفضة فلها تأثيرات معاكسة؛ إذ تحقق السندات الجديدة فوائد أقل، بينما يجري تداول السندات القديمة في السوق بأسعار أعلى.

فعلى سبيل المثال، يحقق السند الذي تبلغ قيمته 1000 دولار، فائدة سنوية قدرها 5% (أي 50 دولاراً سنويا)، وبسعر فائدة ثابت. وإذا ارتفعت أسعار الفائدة مثلا إلى 10%، وعندها يمكن للمستثمرين شراء سند جديد مقابل 1000 دولار، والحصول على 100 دولار سنويا نظير الاحتفاظ به. وهذا يعني أن السند القديم، الذي كان يحقق 50 دولارا سنويا فقط، باتت قيمته أقل. وتصبح الطريقة الوحيدة التي قد يشتري بها شخص ما ذلك السند القديم منخفض القيمة، هي من خلال الحصول على تخفيض كبير في سعر ذلك السند، وهو ما يعني خسارة للمستثمرين في تلك السندات.

ولنفترض الآن أن أسعار الفائدة
انخفضت بدلا من ذلك إلى 1%، فعندها لن يحقق السند الجديد، الذي اشتراه المستثمر مقابل 1000 دولار، سوى 10 دولارات سنويا فقط. كما أن السند القديم الذي يحقق 50 دولارا سنويا، سيصبح الآن جذاباً للغاية، وسيرتفع سعر هذا السند حتى يجري تداوله بسعر أعلى في الأسواق.

 
ووفقا لبيانات وزارة الخزانة الأمريكية، تحتفظ المملكة العربية السعودية 🇸🇦 بما قيمته 142.7 مليار دولار من السندات الأمريكية خلال عام 2024، لتظل في المرتبة الـ 17 بين أكبر المستثمرين في أدوات الدين الأمريكية.

وقد حافظت اليابان على مكانتها كأكبر مستثمر في أدوات الدين الأمريكية بقيمة 1.12 تريليون دولار، تليها الصين التي خفضت استثماراتها في هذا السوق إلى 776.5 مليار دولار.

وعلى أساس سنوي، زادت المملكة العربية السعودية من قيمة حيازاتها للسندات الأمريكية بنسبة 31٪، من خلال عمليات شراء إضافية بقيمة 33.5 مليار دولار في 2024، لتصل القيمة الإجمالية لتلك السندات 142.7 مليار دولار في يوليو 2024، بعد أن كانت قيمتها 109.2 مليار دولار في يوليو عام 2023.


 
💰
في الاقتصاد الأمريكي القوي فائدة للمملكة العربية السعودية

والسبب في ذلك واضح ومباشر، فهناك ربط للريال السعودي بالدولار الأمريكي منذ الثمانينات.
ففيما يتعلق بالضرائب، تعهّد ترامب بإلغاء ضريبة الدخل، وخفض الضريبة على ساعات العمل الإضافي، قائلاً إن الرسوم الجمركية وعائدات النفط ستسهم في تعويض التراجع في تلك التخفيضات الضريبية. كما وعد ترامب بخفض معدل الضريبة على الشركات من 21% حاليًا إلى 15%، وهو ما يعزز الاستثمار المحلي والأجنبي، وبالتالي ينعكس بالإيجاب على معدل النمو الاقتصادي.

وفي المقابل، كانت تخطط هاريس لزيادة معدل الضريبة على الشركات إلى 28%، ورفع الضريبة على أرباح رأس المال إلى 28% لمن تزيد مكاسبهم على مليون دولار أو أكثر سنوياً.

وتؤدي معدلات الضرائب المرتفعة المفروضة على الشركات إلى زيادة في حجم الالتزامات الضريبية على تلك الشركات، مما يقلل من صافي أرباحها. وقد يؤدي ذلك بدوره إلى
انخفاض استثماراتها في الأعمال التجارية. كما يمكن أن يؤدي ارتفاع معدلات الضرائب على الشركات إلى انخفاض فوري ومثير للقلق في الناتج المحلي الإجمالي، وفي حجم الإنتاج المحتمل، ومن ثم التأثير على قوة نمو الاقتصاد الأمريكي.

 


أقرأ أيضــــاً
شراكة لضبط استراتيجية تسعير المياه في المملكة

تحرص السعودية على تحقيق التوازن الصحيح بين إدارة الهيئات الحكومية الرئيسية لقطاع المياه وزيادة عدد الشركات الخاصة المعنية بتحلية المياه المالحة ومعالجة مياه الصرف الصحي.
 
استكشف المزيد
هل تستطيع "النيوليبرالية" تعزيز التعليم في السعودية؟

قد يدفع تطبيق النيوليبرالية أو الليبرالية الجديدة في التعامل مع المدارس الخاصة في المملكة العربية السعودية 🇸🇦 المستثمرين إلى التنافس على تقديم أفضل الخدمات التعليمية الممكنة. وما لم تقدم هذه المدارس خدمات عالية الجودة، بما في ذلك توفير المرافق التعليمية والمنشآت الرياضية اللازمة.
استكشف المزيد
Facebook
Twitter
LinkedIn
Instagram
YouTube
حمل تطبيقاتنا
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2024، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة