|
برزت ناطحات السحاب كاتجاه معماري في الآونة الأخيرة في العاصمة السعودية الرياض. وهي جزء من طفرة إنشائية بلغت قيمتها الإجمالية 229 مليار دولار في عام 2023، والتي أضافت 200,000 غرفة فندقية و241,000 وحدة سكنية و2.8 مليون متر مربع من مساحات التجزئة و3.6 مليون متر مربع من المساحات المكتبية. ومن المتوقع أن يصل إجمالي قيمة الإنتاج في سوق الإنشاءات في المملكة العربية السعودية إلى 181.5 مليار دولار بحلول نهاية عام 2028، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 30% تقريباً عن مستويات عام 2023، وفقاً لتقرير شركة نايت فرانك العقارية الرائدة. ومن بين هذه المباني مبانٍ شاهقة الارتفاع ترسّخ رموزاً أيقونية للثروة والهيبة. ولكن التحدي الرئيسي هو الطلب على الرغم من الارتفاع المستمر في الأسعار في قطاع العقارات. فقد ارتفعت أسعار العقارات في الرياض بنسبة 5% في الربع الأول من عام 2024 وتراوحت بين 5,050 ريال سعودي إلى 5,763 ريال سعودي للمتر المربع كأقل متوسط سعر وفقا لبيانات مختلفة. وعلى الصعيد العالمي، كان عام 2023 عامًا قياسيًا بالنسبة للمباني الشاهقة المكتملة، حيث تم الانتهاء من 179 مبنى بارتفاع 200 متر أو أكثر. وهو ما يمثل زيادة بنسبة 14.7% عن عام 2022. تبلغ القيمة الإجمالية لمخزون المباني الشاهقة في جميع أنحاء العالم أكثر من 15 تريليون دولار.
نظرية الارتفاع الاقتصادي: يقوم المطورون بالبناء حتى الارتفاع الاقتصادي، وهي النقطة التي تكون فيها تكلفة إضافة طابق مساوية للإيرادات من هذا الطابق. ويتم حساب ذلك على أساس إيجارات الشقق أو المساحات. وإذا استمرت هذه الإيجارات في الارتفاع، فسوف يُترجم ذلك إلى إيرادات أكبر من الطوابق الإضافية. كما عززت التحسينات التكنولوجية المستمرة الارتفاع الاقتصادي من خلال تقليل تكلفة إضافة الطوابق. كما أن ناطحات السحاب هي جزء من التكتل الاقتصادي؛ أي الفائدة التي تأتي عندما تتواجد الشركات والأشخاص بالقرب من بعضهم البعض في المدن والتجمعات الصناعية. وتأتي هذه الفوائد في نهاية المطاف من توفير تكاليف الانتقال، والاستفادة من تخصصات مختلفة في مكان عمل واحد، فأحد الطوابق به شركة للبرمجيات، وآخر للإعلام، وثالث للتسويق والدعاية وهكذا. 📈 الربحية العالية: على مدى عمر ناطحة السحاب، يمكن أن يكون لها عائد استثماري ضخم إذا تم التخطيط لها بشكل صحيح. على سبيل المثال، تم التشكيك في اقتصاديات مبنى ”إمباير ستيت“ في مدينة نيويورك، الذي تصدّر الترتيب العالمي للارتفاعات على مدى 40 عاماً. حتى أنه كان يُطلق عليه في الماضي من باب السخرية اسم ”مبنى الولاية الخالي“ المكون من 102 طابقا خلال فترة الكساد الكبير. وفي حين أن تكلفة الأرض والهيكل بلغت 50 مليون دولار أمريكي (سعر1930)، إلا أن صافي دخله على مر السنين، بل إن برج المشاهدة السياحي به يُدر 130 مليون دولار سنويًا حاليا.
🏗️ الإفراط في البناء: يقول خبراء الصناعة إن الدافع وراء الإفراط في بناء ناطحات السحاب يعود إلى نرجسية المطورين وليس الاقتصاديات المقنعة. إنه سباق لكسب الرضا الشخصي من خلال امتلاك أطول مبنى. وقد يؤدي ذلك إلى الإفراط في البناء. ولكن هناك أيضًا تأثير الهيبة والمكانة الاجتماعية حيث تفضل بعض الشركات التمركز في المباني الشاهقة التي تمثل معالم بارزة، حيث يتيح لها ذلك تحديد أسعار أعلى وجذب المستثمرين واستقطاب القوى العاملة الموهوبة. تظهر الأبحاث الأكاديمية أن النتائج تظهر أن الشركات على استعداد لدفع حوالي 4% أكثر للتمركز في مبنى أطول بـ 10 أمتار.
📏 ما هو الارتفاع المثالي؟ في الواقع، تُظهر الأدبيات الأكاديمية أن الارتفاع الذي يحقق أقصى قدر من الربح لناطحة سحاب في مركز مدينة عالمية في مدينة نيويورك هو 63 طابقًا. وبناءً على ذلك، لا يمكن أن تكون هناك كفاءة اقتصادية في العديد من المباني ذات الطوابق الإضافية، خاصةً إذا أخذنا في الاعتبار التكلفة الإضافية للصلب والطوب والمصاعد ونفقات التشغيل. وقد تكون التكلفة أعلى من إيرادات من المبيعات والإيجارات، خاصة أن الأدوار الست الأخيرة تقريبا في ناطحات السحاب تكون لزيادة الارتفاع بغض النظر عن الجدوى الاقتصادية. |
|
|
|
|
|
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2024، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة |