الأسبوع السادس والثلاثون > التحدّي الذي تواجهه شركات النقل التشاركي في السعودية لا يأتي من الروبوتات





 

التحدّي الذي تواجهه شركات النقل التشاركي في السعودية لا يأتي من الروبوتات
 

يمكن للتنقل بالسيارة، في مدينة مترامية الأطراف كالرياض، أنْ يؤثر بشكل ملموس على ميزانية الأشخاص إذا هم لم يقوموا بالاختيار السليم.
 
واستناداً إلى خبرة عملية، نعقد مقارنة في هذا العدد الأسبوعي من أرقام ويك اند، بين نموذجين مختلفين للتنقل بالسيارات:
 
خدمة تأجير السيارات، وخدمة النقل التشاركي.

وقمنا بالمقارنة بين النموذجين من جهة متوسط الكلفة سواء اليومية أو الشهرية، فوجدنا تفاوُتاً كبيرا بينهما، لا سيما في حالات الاستخدام لفترات طويلة، وهو ما قد يؤثر تباعا على ربحية تلك الشركات، إذ يمثل عدد الرحلات اليومية معيارا رئيسا لتسجيل أرباحا سنوية، وخاصة إذا لم تنوع من خدماتها كما سنشرح لاحقا في تحليلنا.
 

وتقدّم خدمات النقل التشاركي راحة للعملاء فيما يتعلق بالرحلات العارضة؛ كونهم يستطيعون الحصول عليها عبر نقرة واحدة على تطبيقات الهاتف. ومع ذلك فإن تكلفة هذه الخدمات يمكن أن تتزايد بوتيرة سريعة، لا سيما إذا كان الاستخدام يوميا، ناهيك عن متاعب الانتظار لوقت طويل لوصول السيارة بسبب الازدحام المروري.
 
2.4 
متوسط تكلفة الكيلومتر لخدمة النقل التشاركي

على سبيل المثال، يمكن لخدمة النقل التشاركي أن تكلّف 2.4 ريال سعودي لكل كيلو متر في المتوسط، وهو ما يمكن أن يشكّل مبلغاً كبيرا حال التنقل يومياً.

لكنْ في حال تأجير السياراة بباقة شهرية أو بالاستفادة من تمويل تأجير السيارات، يمكن أن تقلّ هذه التكلفة إلى 1.5 ريال سعودي لكل كيلو متر في المتوسط على نحو ما سنوضّح في تحليلنا الاقتصادي القياسي المفصّل.



 
🚗
السوق القوية للسيارات في السعودية
 
تشهد سوق السيارات في الرياض حالة من الازدهار. ويحتاج المستهلكون ومقدّمو الخدمات على السواء أن يُقيّموا باستمرار قيمة وكفاءة اختياراتهم المتعلّقة بنموذج التنقّل من أجل التغلّب على التحديات التي تطرأ في هذه السوق.

ويمكن لارتفاع تكلفة استخدام تطبيقات النقل التشاركي في السعودية في السنوات الأخيرة أن تدفع كثيرين إلى امتلاك أو تأجير سيارة.

وفي ظل تنامي مبيعات السيارات في المملكة، قد تشهد ديناميات سوق النقل التشاركي في البلاد تغيرات كبيرة.


ومن المتوقع أن يؤدي ارتفاع معدلات امتلاك السيارات في المملكة إلى انخفاض الطلب على خدمات النقل التشاركي، وذلك في ظل إقبال المزيد من الأشخاص على امتلاك سيارات بحثاً عن الراحة والخصوصية.

وفي عام 2023، تم تقدير حجم سوق تجارة التجزئة للسيارات في السعودية بنحو 19.72 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل إلى 74.74 مليار دولار بحلول عام 2032 بمعدل نمو سنوي مركب 16.13% خلال فترة التوقعات الممتدة من 2024 إلى 2032.

 

وتستهدف المملكة وفقاً لرؤية 2030 خفض الاعتماد على النفط، وتعزيز نموّ قطاع السيارات، مع التأكيد على أهمية التصنيع المحلي والابتكار.


وفي عام 2024، سجلت السوق السعودية للسيارات نمواً بنسبة 7.8% مقارنة بالعام السابق، محققةً أعلى مستوى في 8 سنوات.
وفي عام 2025، من المتوقع أن تصل عائدات سوق سيارات الركاب إلى 15.3 مليار دولار.


  ومن المتوقع أن يصل حجم سوق النقل التشاركي في السعودية إلى 1.2 مليار دولار بحلول عام 2029. وتمّ احتساب هذا الرقم بناءً على معدّل نمو سنوي بنسبة 5.6% خلال الفترة ما بين 2025 و2029.

وشهدت سوق تأجير السيارات في المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة نمواً كبيراً، بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 11%.

هذا النمو يعكس تفضيل المستهلكين والشركات لخيار تأجير السيارات،  كبديل مرِن وموفّر اقتصادياً لخيار امتلاك السيارات.



 
📈
زيادة الدخل المتاح للإنفاق في المملكة
 
يمكن تعريف الدخل المتاح للإنفاق بأنه الدخل الشهري الصافي بعد طرح الضرائب والالتزامات الأخرى منه.

ومع ارتفاع الدخل المتاح للإنفاق، أصبح المستهلكون في السعودية في وضع أفضل لتحمّل الالتزامات المالية المرتبطة بشراء السيارات وصيانتها، من مُقدَّم وأقساط شهرية وتأمين وتكاليف الوقود.

هذا الاستقرار الاقتصادي المتنامي وهذه المرونة المالية كفيلان بتشجيع الأفراد والعائلات على الاستثمار في وسائل النقل الخاصة، وبالتالي الترويج لشراء سيارات.

وشهدت السنوات الأخيرة زيادة الدخل المتاح للإنفاق في السعودية، بسبب انخفاض البطالة ونموّ القطاع الخاص غير النفطي.

 
 ومع زيادة الدخل المتاح للإنفاق، يُتوقّع أن تتوسع السوق الاستهلاكية في المملكة. 
 
توضيحاً للشكل أعلاه: سجّل إجمالي إنفاق الفرد في المملكة السعودية أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38,380 ريالا سعوديا خلال العقد الماضي. ويشير ذلك إلى ارتفاع الدخل المتاح للإنفاق، كما يعكس الثقة الاقتصادية بين المستهلكين؛ حيث يشعر الأفراد بمزيد من الأمان على صعيد أوضاعهم المالية، كما يُبدون استعداداً أكبر للإنفاق على الضروريات والكماليات على حدّ سواء.
 
 ومع ارتفاع نصيب الفرد من الإنفاق، من المرجّح أن تشهد صناعة السيارات نمواً كبيراً. 📈 

ويعني ارتفاع القدرة الشرائية، ارتفاعاً في عدد المستهلكين القادرين على شراء السيارات أو تمويلها، ما يقود بدورِه إلى زيادة مبيعات السيارات.

وعادة ما يؤدي ارتفاع الإنفاق إلى نموّ في الخدمات الإضافية المرتبطة بامتلاك السيارات، مثل التأمين والصيانة واستهلاك الوقود. وهذا كفيل بأن يجعل الشركات العاملة في هذه القطاعات (التأمين والصيانة واستهلاك الوقود) تشهد زيادة في الإيرادات وجذباً للاستثمارات وخلقاً لفرص العمل.

ويبلغ عدد سكان السعودية حوالي 34 مليون نسمة، ويبلغ معدّل مِلكية السيارات في المملكة 162.12 سيارة لكل ألف شخص. وعليه، يوجد حوالي 5.51 مليون سيارة في البلاد.

هذا العدد الكبير من السيارات يعزّز فكرة أن مِلكية سيارة شخصية تعتبر جزء لا يتجزأ من نمط الحياة لدى الكثير من السعوديين.

ويوضح الشكل البياني أدناه، أن هناك زيادة بنسبة 85% تقريباً في ملكية السيارات في المملكة السعودية لكل ألف شخص على مدار الـ 19 عاماً الماضية. أيضاً، قفزت مِلكية السيارات لكل ألف شخص من 87.5 في عام 2005 إلى 162.2 في عام 2024.


 

💵
 --->> تحدّي الربحية <<----
 
 
مع زيادة عدد السيارات المملوكة لأشخاص على الطريق، من المرجّح أن تشتد المنافسة بين شركات النقل التشاركي مثل كريم وأوبر، ما يؤثر بالتبعية على ربحية تلك الشركات.
 
 ولكي تحافظ على استمراريتها في هذا المجال، يتعين على شركات النقل التشاركي، مثل كريم وبولت وأوبر، أن تحقق المزيد من الأرباح في كل رحلة على أنه من الصعب تجنّب الخسائر الضخمة في مجال النقل التشاركي. 
 
ويعتمد نموّ الإيرادات في هذه الشركات اعتماداً كُليّاً على التكاليف الضخمة التي يتم إنفاق جزء كبير منها على دعم الرحلات، وذلك من أجل اجتذاب العملاء إلى التطبيق، بعيداً عن الشركات المنافِسة.

ويتسبّب الازدحام في تأخير الاستجابة لطلبات العملاء، وهو ما يسببُ بدوره إزعاجاً لهؤلاء العملاء، فضلا عن ظاهرة إلغاء الطلب بعد قبوله أو عدم قبول الطلب من الأساس لفترة طويلة.

أيضاً الازدحام يزيد من تكلفة تشغيل السيارات عبر زيادة الوقت المستغرَق بين توصيل أحد الركاب والتقاط راكب آخر.

وقبل أن تصل إلى الربحية، ربما تتعرض شركات النقل التشاركي إلى
 فقدان صَبر المستثمرين .
 
ونظراً لأن معظم الشركات التي تقدّم خدمات النقل التشاركي لا تقسّم الأرباح حسب المناطق الجغرافية، سنلقي نظرة على الصورة الأوسع لأكبر شركة في هذا المضمار حول العالم
 
شـــركة أوبـــر

ووفقاً لمسح قامت به مجلة الإيكونوميست البريطانية، فإن أكثر من 60% من نموّ إيرادات شركة أوبر على مدى السنوات الخمس الماضية جاء من أعمال أخرى غير خدمات النقل التشاركي. وعلى رأس تلك الأعمال، كانت خدمات توصيل الطعام، والتي شهدت قفزة في أثناء تفشي وباء كورونا.
 
❓
كيف يمكن لشركات النقل التشاركي أن تحقق ربحية؟
 
دشّنت بعض الشركات العالمية الرائدة في مجال النقل التشاركي خطوط أعمال جديدة عبر نفس منصّاتها القائمة.

بعض هذه الشركات، على سبيل المثال، بدأت في تقديم خدمة توصيل الطعام. كما أتاحت عبر تطبيقاتها للمستخدمين إمكانية تأجير درّاجات بخارية ودراجات عادية.

وإلى ذلك، عرضت بعض الشركات ميزةَ تثبيت الأسعار، والتي تقدّم للمستخدمين بشكل يومي أسعاراً ثابتة لجذب العملاء من الشركات المنافِسة. 
وثمة طريق آخر لتحقيق الربحية أمام شركات النقل التشاركيّ، يتعلق بأكبر بند تنفق عليه هذه الشركات وهو:
 
السائقين
 ⇣
73%
من أرباح الشركة

ويمكن توضيح حجم هذا الإنفاق عبر الإشارة إلى أن السائقين يأخذون حوالي 73% من أرباح شركات خدمات النقل التشاركيّ.
ومن شأن السيارات ذاتية القيادة، التي تُقاد بواسطة روبوتات مبرمجة، أن تخفّض هذه التكلفة بشكل دراماتيكي.
 
 ولا عجب إذاً من إنفاق الشركات الكبرى  مئات الملايين  سنويا على أبحاث تطوير المركبات ذاتية القيادة. 


أقرأ أيضــــاً
تجنباً لفقاعة عقارية…دراسة حالة دولة

تتسم ديناميكيات سوق العقارات بالتعقيد وتستحوذ على اهتمام الاقتصاديين والمستثمرين وصانعي السياسات على حد سواء.

لذلك، فإن فهم التفاصيل الدقيقة التي تحكم تحركات الأسعار في سوق العقارات أمر ضروري للإبحار في مياه الاستثمار العقاري المضطربة في كثير من الأحيان، خاصة عندما ترتفع الأسعار بسرعة ويكون الطلب أكبر من العرض.


 
استكشف المزيد
Facebook
Twitter
LinkedIn
Instagram
YouTube
حمل تطبيقاتنا
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2025، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة