|
|
تشير التوقعات إلى أن الإشغال الفندقي في قطاع السياحة السعودي لعام 2024 سوف يتجاوز 70%، ولذا، فإن المملكة في حاجة إلى أن تواكب الطلب المتزايد على المواد الغذائية من خلال التوسع في وارداتها من هذه المواد. وبالرغم من أن الإنتاج المحلي للمنتجات الغذائية آخذ في الارتفاع، مع تحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المواد الغذائية، مثل منتجات الألبان الطازجة والبيض، بفضل التقنيات الزراعية الحديثة، فإن المملكة لا تزال تستورد معظم المواد الغذائية من الخارج. وتعد هذه الواردات أحد المصادر الرئيسية لما يسمى التسرب الاقتصادي في قطاع السياحة. ويُعرّف التسرب الاقتصادي في قطاع السياحة بأنه النفقات التي يدفعها السائحون في بلد الوجهة السياحية مقابل السلع والخدمات المستوردة التي يحصلون عليها في ذلك البلد. وهذه النسبة من إجمالي الإنفاق السياحي لا تصل إلى اقتصاد تلك الوجهة السياحية ولا تبقى فيه. ولذلك، يشار إلى هذه التدفقات النقدية التي تخرج من النظام الاقتصادي في بلد الوجهة السياحية بأنها أحد أشكال التسرب الاقتصادي. وقد وصف تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، والذي يعرف اختصارا باسم الأونكتاد، التسرب الاقتصادي بأنه
العملية التي بموجبها تحتفظ البلدان التي تصدر سلعا ما (الضرورية في القطاع السياحي)، أو شركات أجنبية أخرى، بجزء من عائدات النقد الأجنبي الناتجة عن السياحة، بدلاً من أن يصل هذا الجزء إلى البلدان المستقبلة للسياح أو يبقى فيها. ونستعرض في هذا العدد من أرقام ويك إند أهمية الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية من أجل توفير أكبر قدر ممكن من الإنتاج المحلي من السلع والخدمات في قطاع السياحة، وذلك من أجل الحفاظ على توفير الإمدادات من السلع عالية الجودة بشكل متواصل، وبأسعار تنافسية، لتلبية الطلب في السوق المحلي. وسوف يُمَّكنها ذلك من الحد بشكل كبير من التسرب الاقتصادي في قطاع السياحة، خاصة في ظل سعيها للتحول إلى وجهة سياحية عالمية، وخططها الطموحة الرامية إلى جذب 150 مليون زائر بحلول عام 2030. ويعد التسرب الاقتصادي في قطاع السياحة ظاهرة عالمية؛ فعلى سبيل المثال، كشفت دراسة أكاديمية في تايلاند أن صناعة السياحة النابضة بالحياة في هذا البلد الآسيوي حوّلت نحو 70% من إيراداتها السياحية إلى دول أخرى، في إطار ظاهرة التسرب الاقتصادي في قطاع السياحة.
ما هما أبرز نوعين للتسرب الاقتصادي في قطاع السياحة؟ ما هي الأسباب الأخرى التي تسهم في التسرب الاقتصادي في قطاع السياحة في بلد ما؟
💹
هناك نوعان من التسرب الاقتصادي في السياحة الأول: الأموال التي تدخل في البداية إلى الوجهة السياحية في شكل نفقات للسياح، لكنها تخرج منها في شكل مدفوعات لشراء بعض الواردات. ويشار إلى هذا النوع من التسرب الاقتصادي بالتسرب الداخلي. الثاني: الأموال التي تخص السائحين ولا تصل إلى اقتصاد الوجهة السياحية من الأساس، مثل الأرباح التي يجنيها منظمو الرحلات السياحية الأجانب، والعمولات المدفوعة لشركات السفر والسياحة، وشركات الطيران الأجنبية.
ويشار إلى هذا النوع من التسرب الاقتصادي بالتسرب الخارجي.
🔎
ما هي الأسباب الأخرى غير الواردات التي تسبب التسرب الاقتصادي في قطاع السياحة؟
ركزت أغلب الدراسات البحثية التي أجريت في دول مثل تركيا، والمغرب، وغامبيا على أشكال التسرب الاقتصادي المختلفة التي تحدث في المقام الأول بسبب ما يلي: ● استيراد السلع والخدمات ● وسائل النقل المملوكة للأجانب ● تحويلات الرواتب من قبل الموظفين الأجانب ● تحويلات الأرباح من جانب سلاسل الفنادق الدولية ذات الأربع نجوم والخمس نجوم ● نقص رأس المال وعدم الملكية ● نقص العمالة الماهرة ● الإدارة من جانب شركات أجنبية المصدر: أرقام
🧩 المعتقدات الثقافية تشكل سبباً آخر هناك بعض الدول تُعد المعتقدات الدينية والثقافية أحد الأسباب في ظاهرة التسرب الاقتصادي في قطاع السياحة. فلنأخذ دولة مثل بوتان على سبيل المثال، إذ إنها تُنفق أموالا طائلة من أجل تلبية الطلب الهائل على اللحوم من جانب السياح، حيث يُحظر الدينُ هناك ذبح الحيوانات. وبالتالي، تضطر الحكومات في مثل هذه البلدان إلى الاعتماد على واردات اللحوم من الخارج. وعلى سبيل المثال، وُجد أن الفنادق والمنتجعات السياحية في بوتان تستورد أغذية ومشروبات بما يعادل نحو 65.6% من إجمالي حجم الإنفاق لديها، وتستحوذ واردات اللحوم على نصيب الأسد من هذه النسبة، بما يمثل 24.1% من إجمالي واردات الأغذية والمشروبات. ومثال آخر لذلك، يتجنب العديد من الهندوس المتدينين في الهند تناول اللحوم، ولذا، تشهد هذه البلدان مستويات عالية من التسرب الاقتصادي في قطاع السياحة لديها، وذلك بسبب واردات اللحوم المطلوبة لتلبية احتياجات السائحين. ![]() الموقع الجغرافي يمكن أن يكون عاملاً مؤثراً أيضاً من ناحية أخرى، تعاني بالي من التسرب الاقتصادي في قطاع السياحة النابض بالحياة، وذلك لأنها جزيرة وتضطر إلى استيراد المواد الغذائية والمشروبات والفواكه والخضراوات والعديد من السلع والخدمات الأخرى لتلبية احتياجات صناعة السياحة الآخذة في التوسع لديها. كما أنها تفتقر إلى العمالة المحلية الماهرة في قطاع الفنادق. ويبلغ متوسط التسرب الاقتصادي في قطاع الفنادق في بالي نحو 19.5%، وتسجل الفنادق الدولية ذات الأربع والخمس نجوم أعلى معدل للتسرب الاقتصادي بنحو 55.3٪، وذلك بسبب تحويلات أرباح هذه الفنادق الدولية إلى الخارج. ![]() |
|
|
|
|
|
|
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2024، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة |