|
|
❓❓ فجوة البيانات… كيف يمكن للبيانات القديمة أن تكون مضلّلة للتصنيفات العالمية هذا التفاوت يشير إلى احتمال وجود أوجه قصور في المعايير أو في مصادر البيانات التي يستخدمها مؤشر قابلية العيش العالمي. وربما تسبب ذلك في الفشل في الإلمام بكافة الأوجه المتعدّدة الأبعاد لجودة الحياة الحضرية، والتي تُسهم بدورها في جودة الحياة بشكل عام في العديد من المدن السعودية. وإذا ما اعتمد المؤشر بشكل كبير على معايير ثابتة ومحدَّدة مسبقاً، أو على بيانات قديمة، فإن ذلك بطبيعة الحال يسيئ إلى بلد يشهد تطوراً بوتيرة سريعة كالسعودية أو حتى يظلم هذا البلد. وقد أثمرت الاستثمارات في السعودية مؤخراً، في البنية التحتية الحضرية والخدمات الاجتماعية، عن تحسين جودة الحياة. وتجدُر الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية تمكّنت في غضون سنوات معدودة، في العديد من مُدنها، لا سيما الرياض، من تطوير بيئات آمنة ومتاحة للنشاط البدني، ومن القيام باستثمارات مستدامة في البِنية التحتية الرياضية العامة، ومن إنشاء متنزّهات ومسارات مُخصّصة لممارسة الرياضة البدنية. ![]() وفي فبراير، افتتحت السعودية المرحلة الأولى (87 كم) من المسار الرياضي (سبورتس بوليفارد)، فيما يُعدّ علامة فارقة في تحوّل الرياض إلى وجهة عالمية لنمط الحياة العصري والرياضي. وتجدُر الإشارة إلى أن هذا المشروع، الذي هو جزء من رؤية المملكة 2030، يعود إلى عام 2019 وبرنامج جودة الحياة لعام 2030 – عبر إنشاء مدن أكثر اخضراراً واستدامة بما يشجّع على المشاركة في ممارسة أنشطة رياضية، مثل المشي وركوب الدراجات وركوب الخيل. وفي غضون عامين اثنين هما 2022 و2023، تجاوز مؤشر النشاط البدني للبالغين (فوق 18 سنة) -وفقا لرؤية 2030- الأهداف التي كان مرجوّاً تحقيقها في عام 2027. وجاء هذا الإنجاز مدفوعاً بأحداث رياضية، مثل ماراثون الرياض. وتكتمل هذه الجهود عبر مبادرات لرعاية المواهب الرياضية، وعبر حِرْص المملكة على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى، وعلى رأسها كأس العالم 2034.
🔍 عندما تغلب المشاعر على الحقائق… الجذور غير الموضوعية للمؤشر ربما اعتمد مؤشر قابلية العيش العالمي على تصورّات فردية وتقارير ذاتية - والتي يمكن أن تتأثر بالتحيّزات الشخصية، وبالاختلافات الثقافية والمزاجية، وباختلافات تفسير الأسئلة التي قد ترِد في الاستبيانات. على سبيل المثال، اختلاف مفهوم الأشخاص عن الرفاهية بين لندن والرياض قد يؤثّر على الطريقة التي يجيب بها هؤلاء الأشخاص عن نفس الأسئلة في نفس الاستبيان. ففي المملكة العربية السعودية، يُنظَر باحترام شديد إلى مفاهيم ثقافية مثل الوئام الاجتماعي والكرامة الأُسرية والتديُّن – ويمكن أن تشكّل هذه المفاهيم تصوُّرات عن الرفاهية. ويمكن للمشاركين السعوديين في الاستبيانات أن يروا في تكرار التجمّعات العائلية، أو في المشاركة في المناسبات الاجتماعية، أو في الالتزام بالشعائر الدينية – مؤشرات على جودة التفاعُل الاجتماعي، ما يجعلهم يضعون تقييما عالياً من الرضاء، حتى لو كانت تفاعلاتهم الاجتماعية خارج نطاق العائلة محدودة. أما الشخص الذي يعيش في لندن، في المقابل، فقد يفسّر مفهوم التفاعُل الاجتماعي على نحو مغاير، بما يعكس المعايير المجتمعية الغربية التي تضع الأولوية لاستقلالية الفرد عن العائلة. وهكذا، فإن السؤال الواحد في الاستبيان الواحد يمكن أن يفسَّر على نحو مغاير؛ فما يعتبر تفاعُلا اجتماعياً جيداً في لندن، قد ينطوي على سلوكيات وعلاقات يُنظر إليها على نحو مختلف في الرياض. وبناء عليه، فإن تفسير المؤشر للرفاهية، لا سيما فيما يتعلق بقياس التفاعُل الاجتماعي، قد يتأثر بالسياق الثقافي. فإذا كانت أدوات القياس النفسية أو المعايير التي يستخدمها المؤشر قائمة على معايير مجتمعية لندنية أو غربية على سبيل المثال، فإن هذه الأدوات أو المعايير لا تعكس بشكل كامل ودقيق التفاعُل الاجتماعي والرفاهية في مجتمعات أخرى كالمجتمع السعودي. وفوق ذلك، وفي ختام هذا التحليل، تجدُر الإشارة إلى أن هذه التقييمات الذاتية قد لا تتوافق دائما مع المؤشرات الموضوعية الدالة على الرفاهية، كمستوى الدخل – والذي يُعدّ عاملاً حاسماً في أي مؤشر لقابلية العيش. على سبيل المثال، شهد عام 2024، زخماً قوياً في القطاعات غير النفطية، وأدّى التوسع المستمر في الاستثمار ومشاركة القطاع الخاص إلى زيادة قياسية في حصة الأنشطة غير النفطية من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. ![]() ويواصل التحوّل في سوق العمل تحقيق نتائج ملموسة. وينعكس ذلك على انخفاض معدل البطالة في السعودية إلى 7%، ما يعكس بدورِه توفير فُرص عمل عالية الجودة في مختلف القطاعات وتحسين مشاركة القوى العاملة. وهذا يُعدّ مقياسا رئيسياً آخَر لمؤشر قابلية العيش العالمي عند تعيين أفضل 100 مدينة حول العالم. ايضاً الأمان في السعودية، هو مثال آخر على تجاهُل مؤشر الإيكونوميست (قابلية العيش العالمي) لهذه الميزة الاجتماعية الفريدة التي تنعم بها المملكة العربية السعودية. وتوفّر السعودية بيئة آمنة لكل المواطنين، والمقيمين والزائرين – وذلك عبر تدابير أمنية فاعلة، تضع المملكة في المرتبة الأولى بين دول مجموعة العشرين على مؤشر الأمان، حيث تشعر نسبة 92.6% من المقيمين في المملكة بالأمان. وانخفض معدّل جرائم القتل العمد في السعودية من 1.5 لكل 100 ألف نسمة في عام 2017 إلى 0.77 في عام 2024، متجاوزاً الهدف بنحو 130%. كما بلغ معدل السلامة لشبكة الطرق الوطنية السعودية في العام الماضي 80%. ومرة أخرى، فإن كل هذه المعدلات الإيجابية والمتقدمة -والتي منحتْها منظمات دولية مستقلة للمملكة العربية السعودية-، يبدو أنها غابت بشكل واضح لدى إعداد مؤشر قابلية العيش العالمي. وعليه، ومما سبق، فإننا نرى أنّ غياب المدن السعودية عن مؤشر قابلية العيش العالمي 2024، يشير إلى أوجُه قصور في منهجية هذا المؤشر. وهذا بدوره يؤكد ضرورة الحاجة إلى وجود معايير للتقييم تكون أكثر شمولاً ومرونةً ومراعاة للاختلافات الثقافية والمجتمعية. وأخيراً، فإن مراجعة أوجُه هذه القصور وتنقيحها كفيلٌ بتعزيز قدرة المؤشر على أن يعكس على نحوٍ دقيق واقعَ المدن، ولا سيما مُدن المملكة العربية السعودية. |
|
|
|
|
|
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2025، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة |