الأسبوع الحادي والعشرون > لماذا تعتبر المكسيك وجهة "فريدة" للاستثمار السعودي؟





 

لماذا تعتبر المكسيك وجهة "فريدة" للاستثمار السعودي؟
 

تقدّم المكسيك نظاما ضريبياً فريدا من نوعه لمؤسسات الاستثمار الأجنبية، ويمكن لأي شركة قانونية مكسيكية أن تقدم خدمات تصنيعية بالنيابة عن دولة أجنبية أو بالنيابة عن شركة في دولة أخرى تكون الحكومة المكسيكية قد وقّعت مع حكومتها معاهدة ضريبية.

وعادة ما تكون أمثال هذه الشركة القانونية المكسيكية واقعة في منطقة حدودية معفاة من الرسوم الجمركية، كما أنها تقدّم خدمات خاصة بعملية التصنيع وتركيب المنتجات قبل تصديرها وبيعها في الخارج بالنيابة عن دولة أجنبية. وهذه الدولة الأجنبية قد تكون السعودية. ولم لا؟

ويمكن استيراد المعدّات والمواد الخام، التي ستُستخدم في عملية التصنيع، بلا رسوم جمركية طالما أن المنتجات النهائية سيتم تصديرها.

كان هذا ملخّصا سريعا للنظام الضريبي المكسيكي الفريد الذي أشرنا إليه في البداية، والذي يُعرف باسم نظام ماكيلادورا، الذي يسمح باستيراد وتصدير بضائع معفاة من الرسوم الجمركية.
وبالإشارة إلى الـماكيلادورا، فإننا نستهدف بالأساس استكشاف ما يمكن أن يوفّره هذا النظام الضريبي الفريد من إمكانات لمؤسسات وشركات الاستثمار السعودية.

ويشمل نظام ماكيلادورا طيفاً واسعا من المنتجات بدءاً من الملابس والإلكترونيات والسيارات، وصولاً إلى الحديد والكيماويات والآلات الميكانيكية.

وفي هذا العدد الأسبوعي من
أرقام نُجيب عن الأسئلة التالية: 

 
كيف تحدّى نظام ماكيلادورا التوقعات الاقتصادية التي تنبّأت كلها تقريباً بفشله؟
وما نقاط القوة التي تجذب المستثمرين في نظام ماكيلادورا؟
ولماذا يعتبر البيزو المكسيكي سلاحاً ذا حدّين؟
وما هي الآثار السلبية المحتملة على هذا النظام بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية؟
وهل من حلول تُفيد السعودية في حال قررت أن تحذو حذو دول أخرى مستثمرة في الماكيلادورا كاليابان وألمانيا وكندا؟

 
 
💪
كيف تحدّى نظام ماكيلادورا التوقعات الاقتصادية التي تنبّأت كلها تقريباً بفشله؟

نظام الماكيلادورا باختصار:
ماكيلادورا بالأساس هي مصانع مكسيكية تم تدشينها في ستينيات القرن الماضي، وبدأت بمنتجات بسيطة كالملابس ولُعب الأطفال.

 

وتقع هذه المصانع على مقربة من الحدود المكسيكية - الأمريكية، وتحظى بتسهيلات وحوافز ضريبية تصل إلى حدّ الإعفاء من الرسوم الجمركية.
 
هذه الحوافز الضريبية أسهمت في تحويل المكسيك من دولة ذات اقتصاد مغلَق إلى تاسع أكبر دولة مُصدّرة في العالم.

جدير بالذكر هنا أن نشير إلى أن المكسيك وقّعت اتفاقات تجارة حُرّة مع الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي، بما يسهّل عليها حركة استيراد وتصدير المنتجات.

واستطاع نظام ماكيلادورا المكسيكي الضريبي أن يتحدّى بشكل مُلفت كافة التوقعات الاقتصادية التي تنبأت بانهياره وبفشله على مدى الـ 20 عاما الماضية.

وفي ظل هذه التحفيزات الضريبية التي حظيت بها مصانع ماكيلادورا، أصبحت الأخيرة مركزا مكسيكياً لإنتاج الحواسب والأجهزة الإلكترونية وأجزاء السيارات.

وفي عام 2023، شحنت هذه المصانع بضائع بقيمة حوالي 320 مليار دولار وهو ما يشكل نحو 60% من إجمالي صادرات البلاد للعام ذاته 593 مليار دولار.

تجدر الإشارة إلى أن هذه المصانع ذاتها في عام 2002 شحنت بضائع بقيمة 77 مليون دولار فقط.

وهنا يجب التنويه إلى أن 89.2 %من إجمالي هذه الصادرات هو منتجات مُصنَّعة أو مصنوعات.

 
 

🔦

ما نقاط القوة التي تجذب المستثمرين في نظام ماكيلادورا؟ 

عملت الحكومات المكسيكية المتعاقبة على الحفاظ على هذا النظام الضريبي الفريد. وإلى جانب ذلك، تعدّ العُملة المحلية البيزو ضعيفة مقارنةً بالدولار الأمريكي.

ويعادل البيزو حوالي 0.18 من الريال السعودي. وشهدت السنوات العشر الأخيرة مزيداً من
التراجع للبيزو أمام الدولار الأمريكي كما هو موضح في الرسم البياني التالي. ويعادل الدولار الواحد نحو 20 بيزو مكسيكي.

 

وننوّه هنا إلى أن المصانع الواقعة في هذه المناطق الحدودية المعفاة من الرسوم الجمركية تبيع منتجاتها بالدولار بينما يتمّ حساب تكاليف عملية الإنتاج بالعملة المحلية البيزو، ما يعني ربحية وفيرة للمستثمرين المحليين والأجانب على السواء.
 
 

القُرب من الحدود الأمريكية

موقع المكسيك الجغرافي القريب من الولايات المتحدة يجعل من السهل نقل البضائع وإدارة سلاسل التوريد والمواد الخام. وهذا من شأنه أن يخفض تكاليف الشحن ويسرّع عملية وصول البضائع.

وتقع بعض المدن الحدودية المكسيكية على مسافة دقائق معدودة بالسيّارة من الولايات المتحدة. ولا شك أن سُرعة تدفُّق البضائع والأشخاص تفيد اقتصاد البلدين على السواء.

 
ويمكن أن يؤدّي تقليص فترة الانتظار على الحدود، إلى دخول المزيد من البضائع القادمة من المكسيك إلى الولايات المتحدة.
 
وتقدّر دراسة بحثية أنّ تقليص فترة الانتظار على الحدود مدة 10 دقائق فقط يمكن أن يثمر عن دخول بضائع إضافية من المكسيك بقيمة 26 مليون دولار شهرياً، بما يعادل 312 مليون دولار سنويا.
 
 
   لماذا يعتبر البيزو المكسيكي سلاحاً ذا حدّين؟ 
 
في هذه العملية التجارية على وجه الخصوص يُعتبر البيزو سلاحا ذا حدّين؛ فثمة عملية حسابية لا ينبغي أن يُغفلها المستثمرون، وهي التي تتعلق بعقود الاستئجار الخاصة بالمصانع. وغالباً ما تكون هذه العقود بالدولار الأمريكي نظراً لتقلّب سعر البيزو.

لكننا وجدنا بالبحث أن بعض العقود لا تزال تُدفَع بالبيزو، رغم أن السعر في العقد يُحدَّد بالدولار. وعليه، تُسدَّد عقود الاستئجار بالبيزو كل شهر وفقاً لسعر صرف الدولار في المكسيك. 

 

⚠️

ما هي الآثار السلبية المحتملة على هذا النظام بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية؟
 
لا يزال علينا الانتظار ريثما نعرف ما هي البضائع والمنتجات التي ستستهدفها التعريفات الجمركية التي تعهّد بها ترامب قبل انتخابه.

وتعهّد ترامب بفرض ضريبة 10% أو 20% على كافة البضائع الداخلة إلى الولايات المتحدة، و60% إن لم يكن أكثر على البضائع الصينية. ولكن ترامب معروف عنه من حقبته الأولى (2016-2020) أنه لا ينفذ كل ما وعد به قبل انتخابه لعدم واقعية بعض التعهدات، إذ إن تلك التهديدات قد تكون بمثابة ورقة ضغط أثناء تفاوض بلاده في اتفاقات تجارية مع بلدان أخرى.

ويمثّل نظام ماكيلادورا حوالي 60% من إجمالي صادرات المكسيك التي ذهب منها حوالي 83% تقريبا إلى الولايات المتحدة في عام 2023، بأرباح للمكسيك تجاوزت 475 مليار دولار في العام الماضي فقط.

 

🔑

ما هي الحلول إذن التي قد تسلكها السعودية في حال الدخول في صفقات استثمارية مع المكسيك في نظام الماكيلادورا في حقبة ترامب؟

1- يمكن للشركات السعودية توقيع شراكات مع شركات أمريكية قائمة بالفعل. بموجب هذه الشراكات يتم تصنيع المنتجات في المكسيك بموجب نظام ماكيلادورا، ثم تدخل المنتجات إلى الولايات المتحدة كجزء من سلسلة التوريد المحلية للشركات الأمريكية، والتي ستتمتع بمزايا ضريبية في تعهدات ترامب الاقتصادية الجديدة، ومن بينها خفص الضرائب من 21% إلى 15%.

2- في عهد ترامب، في الغالب التعريفات الجمركية سوف تستهدف قطاعات معينة مثل الصلب والإلكترونيات.
 
وهنا يمكن للشركات السعودية التركيز على القطاعات ذات الأولوية الأقل في حروب التعريفات الجمركية، مثل:منتجات الصناعات التحويلية (مثل السيارات) والتي ارتفعت أسهمها بمجرد فوز ترامب.

وذلك بدلاً من تصدير المواد الخام مثل اليوريا أو البولي بروبلين (لأنه في الغالب أنها ستكون مشمولة بالتعريفات الجمركية التي يريد ترامب تطبيقها على كافة المنتجات)( الأجنبية، ويمكن التركيز ايضا على تصنيع المنتجات النهائية داخل المكسيك، مثل: البلاستيك الجاهز للاستخدام، ومواد البناء، وقطع غيار السيارات.

 
3- قد تفلح المكسيك شأنها شأن بعض الدول الأخرى والاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق مع إدارة ترامب لإعفاء بعض السلع من تلك التعريفات الجمركية، كما أن هناك احتمالية أخرى أن تعقد الحكومة المكسيكية اتفاقات ثنائية مع بعض الولايات الأمريكية، ولكن نظرا لسيطرة حزب ترامب الحزب الجمهوري على الكونغرس في الانتخابات الأخيرة، سيصعب التصديق على تلك الاتفاقات لأن الدستور الأمريكي يشترط موافقة الكونغرس على إبرام أي اتفاقية تجارية.
 


أقرأ أيضــــاً
Facebook
Twitter
LinkedIn
Instagram
YouTube
حمل تطبيقاتنا
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2024، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة