|
|
مع تزايد الإقبال على العملات الرقمية المشفرة وتكنولوجيا البلوك تشين على مستوى العالم، يصبح المفهوم الخاص بوجود بنوك للعملات المشفرة - وهو مؤسسات تعمل بشكل مشابه للبنوك التقليدية ولكن باستخدام أصول رقمية – أكثر قبولا وبشكل متزايد. ويشهد العالم نقاشا جادا بشأن اللوائح التنظيمية للعملات المشفرة وتحولا واضحا من التركيز على الحماية من المخاطر والتجاوزات، إلى التعامل الإيجابي مع هذه العملات الرقمية وتداولها. وفي يناير الماضي، ألمح رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، إلى أنه قد يكون هناك تخفيف للوائح التنظيمية للسماح بوجود بنك للعملات المشفرة في الولايات المتحدة. أما في منطقتنا العربية، فقد قطعت الإمارات العربية المتحدة شوطاً كبيراً في مجال العملات الرقمية المشفرة، حيث أُعلن في مؤتمر بيتكوين الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2024 الأول، الذي عُقد في أبوظبي في شهر سبتمبر، أن حجم التداول بالعملات الافتراضية في الإمارات بلغ 50 مليار دولار. ويعكس هذا الحجم الكبير للتداول في العملات المشفرة وجود سوق قوية ونشطة، حيث يتم استخدام هذه العملات على نطاق واسع، وربما يشمل ذلك التداول الآلي، والمعاملات من نظير إلى نظير، والمشاركة المؤسسية. ويُعزى ذلك بشكل أساسي إلى تطور الابتكار المالي، وسرعة انتظام السوق، والمبادرات الحكومية الداعمة، مثل استراتيجية الإمارات للتعاملات الرقمية 2021، التي تتبنى تقنية البلوك تشين لتحسين المعاملات والخدمات الحكومية. وتهدف الإمارات إلى تسجيل نصف حجم المعاملات الحكومية الاتحادية لديها عبر سجلات البلوك تشين. وبالرغم من وجود بيئة تنظيمية تقدمية، فإنها لا تزال بيئة حذرة فيما يتعلق بالتبني الكامل للبنوك اللامركزية المشفرة. ويُحظر مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، بموجب القانون الاتحادي رقم 14 لعام 2018، الإصدارات التي تشبه أو يمكن الخلط بينها وبين العملة الرسمية للدولة، والتي تكون مقبولة ومعتمدة بموجب القانون لإجراء المعاملات المالية ولسداد الالتزامات ومن بينها الديون. وتُفضِّل اللوائح الحالية وحتى كتابة هذا التحليل دمج خدمات العملات الافتراضية في مؤسسات المالية قائمة بدلاً من إنشاء بنوك منفصلة تماماً للعملات الرقمية. ![]() ويوضح هذا الرسم البياني أعلاه ارتفاع قيمة البيتكوين في الإمارات العربية المتحدة على مدار السنوات الخمس الماضية. ففي مايو 2020، كان يتم تداول عملة بيتكوين واحدة مقابل 35,000 درهم إماراتي، واليوم (28 أبريل 2025) يتم تداول عملة بيتكوين واحدة مقابل 348,293 درهم إماراتي. ومن ديسمبر 2021 حتى يناير 2024، شهدت عملة البيتكوين تقلبات كبيرة، حيث انخفضت من ذروة بلغت 236.543 درهم إماراتي في نوفمبر 2021 إلى أدنى مستوى لها عند 61,626 درهم إماراتي في نوفمبر 2022، قبل أن تبدأ في الارتفاع ببطء مجددا. وكانت هذه التقلبات قصيرة الأجل نسبيا. ويشير الانتعاش التدريجي اللاحق إلى وجود دلائل على الاستقرار وتجدد ثقة المستثمرين، مما يشير أيضا إلى وجود سوق ناضجة للعملات الرقمية في دولة الإمارات، مع إمكانية تحقيق نمو مستدام.
💵 فلسفة التمويل اللامركزي يتركز تحليلنا لفكرة وجود بنوك مستقلة للعملات المشفرة فقط حول فلسفة التمويل اللامركزي، والتي تشير إلى إنشاء نظام مالي يعمل من دون وسطاء مركزيين، كما في البنوك أو المؤسسات المالية التقليدية. ويمكن للتطورات في وسائل الأمن والحماية لتقنيات البلوك تشين - مثل الحماية باستخدام عمليات التشفير، والتوثيق اللامركزي، والتشغيل الآلي للعقود الذكية - أن تقلل من مخاطر الاحتيال والقرصنة، مما يجعل بنوك العملات المشفرة أكثر منطقية ربما في المستقبل القريب. وبوجه عام، فإن هذه الأرقام في الأمثلة الحقيقية التي سوف نستشهد بها في هذا التحليل من دول مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة ترسم لنا مشهدا لنظام مصرفي للعملات الرقمية بمقاييس مالية قوية، ومشاركة واسعة من المستخدمين، وعروض تنافسية أيضا. ![]() ![]() سد الفجوة الحالية هناك بعض الأمثلة في عالم اليوم لمنصات الأصول الرقمية التي تقدم خدمات إدارة الثروات الرقمية المشفرة، بما في ذلك الحسابات ذات الفائدة، والقروض المدعومة بالعملات الرقمية، وأدوات إدارة الأصول. وتسمح هذه المنصات للمستخدمين بكسب الفائدة على ممتلكاتهم من العملات الرقمية (الودائع) والاقتراض مقابل أصولهم، وتعمل بشكل مشابه للبنوك التقليدية ولكنها تعمل حصريا في مجال الأصول الرقمية. وتتجاوز الأصول الخاضعة للإدارة في بعض الحالات في إحدى هذه المنصات 7 مليارات دولار. وتهدف هذه المنصات إلى سد الفجوة بين التمويل التقليدي، والخدمات المالية المبتكرة القائمة على تقنيات البلوك تشين. ونحن نمتنع عن ذكر منصات معينة بالاسم في نشرتنا الإخبارية لتجنب أي إشارات للتأييد أو الشراكة. ويظل تركيزنا منصباً على تقديم معلومات ورؤى محايدة من دون الترويج لمنصات أصول رقمية معينة. ![]() في الرسم البياني أعلاه، تُسلط الأرقام الضوء على النمو الكبير والإمكانات الهائلة لمثل هذه المنصة، كبنك واعد للعملات المشفرة. ومع هذه الأصول المُدارة التي يتجاوز حجمها 7 مليارات دولار (وهو رقم حقيقي)، تُظهر هذه المنصة ثقة كبيرة لدى المستثمرين، مما يدل على وجود نظام قوي قادر على جذب الأصول عالية القيمة مثل البيتكوين. وتؤكد قاعدة العملاء لهذه المنصة، والتي تضم أكثر من مليوني مستخدم في جميع أنحاء العالم، على نجاحها في اختراق السوق عبر مناطق مختلفة من العالم. ويعكس حجم الإقراض الذي تجاوز 12 مليار دولار منذ عام 2018 الاستخدام النشط للخدمات المالية لهذه المنصة، مما يشير إلى وجود إدارة فعالة للسيولة، ومستوى عالٍ من التفاعل من جانب كل من المقترضين والمقرضين. ويشير هذا الرقم الكبير لحجم لإقراض أيضا إلى أن تلك المنصة تلعب دورا محوريا في تسهيل الحصول على السيولة، والوصول إلى الائتمان في قطاع العملات الرقمية المشفرة. كما توفر أسعار الفائدة على الودائع، والتي تتراوح بين 5% و17%، عوائد تنافسية يمكن أن تجذب المستخدمين الجدد الذين يسعون إلى كسب دخل سلبي على ممتلكاتهم من العملات الرقمية. (والدخل السلبي هو الدخل المنتظم الذي يحصل عليه الفرد من مشروع ما دون حاجة إلى مشاركة مادية من جانبه أو وجوده الفعلي). كما يوضح هذا الأمر قدرة المنصة على تحسين العوائد استنادا إلى الأصول، وملفات تعريف المخاطر المختلفة (كما سنوضح في الجزء الثاني من هذا التحليل عندما نجري مقارنة بين عملتين رقميتين مشفرتين). وبالإضافة إلى ذلك، يشير بدء أسعار الفائدة على القروض من نحو 2.9% فقط سنويا إلى وجود تكاليف اقتراض تنافسية مقارنة بالبنوك التقليدية، مما قد يحفز عمليات الاقتراض وزيادة تدفق السيولة عبر هذه المنصة الرقمية.
🔍 فهم أسعار الفائدة على العملات المشفرة تتباين أسعار الفائدة على ودائع الأصول المشفرة بشكل كبير، حيث تتراوح بين 5% و17%، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى عدة عوامل أساسية تتعلق بالأصول المشفرة، والتي تتفاوت وفق مستويات التقلب والسيولة فيها. ويؤثر هذا التنوع في العملات الرقمية بالتأكيد على المخاطر المرتبطة بكل عملية إيداع. إذ تميل الأصول ذات مستوى التقلبات المرتفعة، أو السيولة المنخفضة، إلى تقديم أسعار فائدة أعلى لتعويض المستثمرين عن زيادة حجم المخاطر. ولنأخذ على سبيل المثال نسبة التقلبات في البيتكوين، التي تبلغ حوالي 3-4% على مدار 30 يوما، مما يعني أنه على مدار شهر، كانت التقلبات في أسعار هذه العملة معتدلة نسبيا مقارنة بالعديد من العملات الرقمية الأخرى. وفي اقتصاديات الأصول المُشفرة، تعني التقلبات التي تبلغ نسبتها 3-4% أن النسبة المئوية للتغير اليومي في سعر البيتكوين عادةً ما تبقى ضمن هذا النطاق الضيق. ويشير هذا التقلب المنخفض نسبيا إلى أن سعر البيتكوين كان مستقرا تماما في الآونة الأخيرة، مما يجعل هذه العملة المشفرة أقل مخاطرة بالنسبة للمستثمرين. ![]() ثانيا، لنأخذ في الاعتبار سيولة العملة. واعتبارا من شهر أبريل 2025، تم تعدين أكثر من 19.8 مليون بيتكوين بالفعل، مما يعني أن 94% من إجمالي المعروض من البيتكوين متداول بالفعل. أما حجم تداول العملة اعتبارا من 28 أبريل، فيبلغ حوالي 20.4 مليار دولار. ويشير التداول بهذا الحجم الكبير إلى وجود نشاط قوي في السوق، مما يعني أن البيتكوين يتم تداولها بكثرة، وتتمتع بسيولة جيدة، مما يسهل عملية الشراء أو البيع من دون التأثير بشكل كبير على أسعارها. كما أن ذلك يعكس اهتماما كبيرا بها من قبل المستثمرين. ثالثًا، نعتبر أن الودائع بعملة البيتكوين على المنصات ذات السمعة الطيبة عادةً ما تحقق حوالي 5% إلى 7% كعائد سنوي، مما يعكس انخفاض المخاطرة نسبيا بسبب توافر السيولة بشكل كبير، والحضور الراسخ في السوق. وللمقارنة بعملة مشفرة أخرى، سنأخذ عملة شيبا إينو (شيب) التي يبلغ معدل تقلبها خلال 30 يوما تقريبا حوالي 50-60%، وهذا يعني أن سعرها يميل إلى التقلب بشكل كبير على مدى شهر واحد. كما أن حجم تداولها أقل بكثير مقارنة بالبيتكوين، حيث يبلغ حجم تداولها اليومي في حدود 197.3 مليون دولار فقط عند كتابة هذا التحليل، في 28 أبريل، في الساعة 13:00 بتوقيت غرينتش. وتقدم المنصات التي توفر ودائع بعملة شيبا إينو أسعار فائدة سنوية تبلغ حوالي 17%، مما قد يعوض عن المستوى العالي من التقلبات، وقلة السيولة. ويقبل بعض المستثمرين بهذه المخاطرة في سبيل الحصول على عوائد أعلى. ولدى عملة شيبا إينو المشفرة عدد كبير للغاية من الوحدات الرمزية المتداولة – والتي تبلغ تريليونات من هذه الوحدات – وهي مصممة لتكون وفيرة للغاية. وهذا العرض الهائل منها يخفف من القيمة الفردية لمثل هذه العملة الرمزية، مما يجعل سعرها منخفضا للغاية (حوالي 0.0000133 دولار). وعلى النقيض من ذلك، فإن عملة البيتكوين لديها معروض إجمالي محدود من هذه الوحدات الرمزية، لا يتجاوز 20 مليون عملة معدنية، مما يخلق ندرة في المعروض منها، وهو ما أكسبها لقب ذهب العملات الرقمية.
🔦 القروض منخفضة التكلفة بالعملة المشفرة مقابل القروض المصرفية التقليدية في الجزء الأخير من هذا التحليل، نوضح بالأرقام في هذا الوقت الحالي، مقارنة بين القروض الشخصية بالعملة المشفرة والقروض المصرفية التقليدية. واستنادا إلى أرقام حقيقية ومحدثة من منصة للعملة المشفرة وبنك تقليدي (دون ذكر لأسماء أي منهما)، فإن المعدل البالغ 2.9% للجدارة الائتمانية الممتازة على المنصة المشفرة هو أقل بكثير من أقل معدل مصرفي يبلغ 6.4% لنفس التاريخ الائتماني الممتاز للمقترض. ويشير هذا إلى أنه من الزاوية البحتة لحساب الفائدة، فإن منصة العملات الرقمية هذه أكثر فعالية من حيث التكلفة بالنسبة للمقترضين بأفضل أسعار للفائدة. ونظرا لأن نطاق نسبة الفائدة في البنك التقليدي يمتد حتى 22.9%، فإن المقترضين من ذوي الائتمان الضعيف أو ذوي السجل الائتماني الأعلى مخاطرة، سيدفعون أكثر بكثير، مما يجعل خيار العملات الرقمية خيارا جذابا بشكل خاص للمؤهلين للحصول على أقل سعر للفائدة. صحيح أن البنوك التقليدية تعمل ضمن أطر قانونية راسخة تحكمها السلطات المالية والهيئات التنظيمية، وهو يضمن الامتثال لقوانين مكافحة غسيل الأموال وحماية المستهلك، لكن منصات العملات الرقمية المشفرة الرائدة اليوم، على الرغم من كونها أقل تنظيماً، فإنها تحمي أصول المستخدمين ضد الاختراقات، أو حوادث القرصنة، أو الأعطال الإلكترونية، من خلال التأمين عبر شراكات مع مقدمي خدمات الحماية الأمنية التابعة لأطراف خارجية. |
|
|
|
|
Argaam.com حقوق النشر والتأليف © 2025، أرقام الاستثمارية , جميع الحقوق محفوظة |